بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

النظارات الذكية.. مستقبل الأجهزة الشخصية بين الواقع والخيال

بوابة الوفد الإلكترونية

مع دخول عام 2025، يبدو أن عمالقة التكنولوجيا قد اتفقوا على اتجاه جديد: النظارات الذكية هي “الخطوة التالية” في عالم الأجهزة الشخصية. لكن هل هذا يعني أن هذه الأجهزة ستكون ناجحة بشكل مضمون؟ الإجابة ليست بهذه البساطة.

على مدار السنوات الماضية، شهدنا محاولات متعددة لإدخال أجهزة مبتكرة إلى السوق، مثل شاشات التلفاز ثلاثية الأبعاد أو الأجهزة اللوحية التي لم تنجح في تغيير حياتنا اليومية كما فعل الهاتف الذكي. حتى سماعات الواقع الافتراضي، على الرغم من التقدم التقني الكبير، ما زالت ضمن نطاق محدود بسبب أسعارها العالية وقلة المحتوى المثير. أما الأجهزة المخصصة للذكاء الاصطناعي، فقد فشلت في تحقيق النجاح المتوقع، بالرغم من مليارات الدولارات المستثمرة فيها.

في المقابل، استطاعت الساعات الذكية أن تثبت وجودها، لكنها لم تُحدث انقلابًا في حياتنا اليومية لأنها تحولت أكثر إلى أجهزة صحية وليست حواسيب معصمية كما كان متوقعًا. هنا يأتي دور النظارات الذكية، التي يراهن عليها الآن عمالقة التكنولوجيا لتصبح جزءًا أساسيًا من حياة المستخدمين اليومية.

الفرق بين النظارات الذكية وسماعات الواقع الافتراضي

قد يبدو للبعض أن النظارات الذكية وسماعات الواقع الافتراضي متشابهان، إلا أن هناك اختلافات كبيرة. فالسماعات الافتراضية عادةً ما تكون كبيرة وثقيلة، وتوفر تجربة منعزلة تنقل المستخدم إلى عالم آخر، مع إمكانية دمج عناصر الواقع المعزز جزئيًا. في المقابل، تهدف النظارات الذكية إلى توفير عرض معلومات مباشر للمستخدم أثناء تواجده في العالم الحقيقي، دون عزله عنه. فهي تعمل كواجهة عرض متنقلة تعرض إشعارات ورسائل ومعلومات مفيدة دون الحاجة للانشغال بالهاتف أو الكمبيوتر.

لماذا النظارات الذكية هي المستقبل؟

السبب واضح من خلال استثمارات الشركات الكبرى: Meta، Apple، Google، وحتى شركات ناشئة مثل Even Realities وRokid وXreal. على سبيل المثال، النظارات الذكية من Meta Ray-Ban Display توفر شاشة عرض ملونة واحدة داخل العدسة مع إمكانية التقاط الصور والفيديو وتشغيل الصوت، ما يجعلها أقرب إلى جهاز كمبيوتر متنقل صغير يمكن ارتداؤه. Google تتبع استراتيجية مزدوجة، مع نظام Android XR ودعم لشركاء مثل Warby Parker وGentle Monster، لتوسيع نطاق هذه التكنولوجيا.

Apple، رغم تحفظها المعتاد على إطلاق منتجات جديدة، تشير تقارير داخلية إلى أنها تخطط للتركيز على نظارات خفيفة الوزن بدلاً من سماعات Vision Pro الضخمة، مما يعكس ثقتها في إمكانية انتشار هذه الفئة من الأجهزة.

الاستخدامات العملية للنظارات الذكية

يمكن تصنيف النظارات الذكية إلى ثلاث فئات:

النظارات البسيطة: مثل Meta Ray-Ban الأصلية، توفر سماعات وكاميرا، لكنها محدودة الوظائف.

النظارات بشاشة مدمجة: مثل Meta Ray-Ban Display وEven Realities G2، توفر عرضًا على العدسة نفسها باستخدام تقنية “Waveguide”، مع تصميم أنحف وخفيف.

النظارات ذات شاشات كبيرة أو متعددة: مثل Xreal وViture، تعمل كأجهزة عرض متنقلة ضخمة، مثالية للعمل أو اللعب، لكنها غالبًا ما تتطلب توصيلًا بجهاز آخر.

فوائد هذه النظارات تتجاوز الترفيه، فهي توفر عرض الخرائط والتنبيهات، الترجمة الفورية، المساعدة في العمل والدراسة، وتقليل الانشغال بالهواتف الذكية، مع الحفاظ على الانتباه للمحيط.

التحديات والتكلفة

رغم الإمكانيات الواعدة، تبقى هناك عقبات: التكلفة المرتفعة، قيود العدسات الطبية، الحاجة إلى أدوات مساعدة للتنقل في الواجهات الافتراضية، واعتماد بعض النماذج على أنظمة مغلقة مثل Instagram وWhatsApp في حالة Meta. أسعار النظارات الحالية تتراوح بين 400 و850 دولار، مما يجعلها هواية مكلفة في الوقت الحالي.

النظارات الذكية ليست مجرد موضة، بل تحاول أن تصبح جزءًا أساسيًا من حياة المستخدم، لتكمل الهواتف الذكية والساعات الذكية. ومع استمرار التطوير في السنوات القادمة، قد نصل إلى أجهزة خفيفة وذكية جدًا، تجعلها أداة أساسية للعمل والترفيه، وربما تكون مفتاح المستقبل في عالم الأجهزة الشخصية.

إذا كنت من محبي التكنولوجيا، فالاهتمام بالنظارات الذكية لا يقل أهمية عن متابعة الذكاء الاصطناعي أو الطائرات الكهربائية المتقدمة، فقد تكون هذه الأجهزة بداية موجة جديدة من الابتكارات التي نعيشها بالفعل أمام أعيننا.