مصر تحقق طفرة طبية
الجلد المجمد يدخل مستشفيات الحروق لإنقاذ حياة الأطفال والبالغين
في خطوة غير مسبوقة تُسجل على خارطة الإنجازات الطبية في مصر، أعلن مستشفى أهل مصر لعلاج الحروق عن استلام أول شحنة من الجلد الطبيعي المجمد، لتفتح أمام مرضى الحروق الشديدة باب الأمل في النجاة والحياة. هذه المبادرة التي طال انتظارها لم تكن مجرد إنجاز طبي، بل قصة إنسانية حقيقية تجسد التزام مصر بإنقاذ حياة المصابين بالحروق الواسعة والخطيرة، خاصة الأطفال.
رحلة استقدام هذا الجلد لم تكن سهلة؛ فقد استغرقت الموافقات القانونية سنتين كاملتين نتيجة الإجراءات المعقدة، في حين تصل تكلفة كل عملية علاج إلى نحو مليون جنيه. ومع ذلك، يؤكد المستشفى أن أي جهد لإنقاذ حياة الأطفال والمرضى في الحالات الحرجة لا يُقارن بأي ثمن.
يأتي هذا الجلد من متبرعين بعد الوفاة، على غرار التبرع بالقرنية، ومن خلال كبرى بنوك الأنسجة العالمية المعتمدة مثل Euro Skin Bank في هولندا، وUK Skin Bank في المملكة المتحدة، وAATB في الولايات المتحدة، وAustralian Skin Bank في أستراليا. وقد خضع الجلد لعمليات فحص دقيقة وإجراءات قانونية وأخلاقية صارمة لضمان سلامته الطبية، ليصبح جاهزًا للاستخدام في العمليات الحرجة. ويُعرف هذا النوع طبيًا باسم Cadaver Skin، ويعتبر من الأساليب العلاجية المعتمدة عالميًا لإنقاذ الأرواح في مراكز الحروق المتقدمة.
يقود هذه العمليات البروفيسور نعيم مؤمن، أحد أبرز الخبراء العالميين في علاج الحروق، الذي يشرف شخصيًا على الجراحات الحرجة ويدرب الفريق الطبي لضمان أعلى مستويات الرعاية. وبفضل خبرة الفريق، تمكن المستشفى خلال الأسبوع الماضي من إنقاذ طفل عمره 6 سنوات كانت نسبة حروقه 70% من جسده، بالإضافة إلى أطفال آخرين تتراوح أعمارهم بين 4 و7 و15 سنة، من خلال عمليات دقيقة ومصيرية لزراعة الجلد، أثبتت فعاليتها في إنقاذ الأرواح.
ويؤكد الأطباء أن وظيفة الجلد المجمد لا تقتصر على التعافي السطحي فقط، بل يمتد دوره الحيوي إلى حماية الأعضاء الداخلية، منع العدوى، السيطرة على فقد السوائل، وتخفيف الصدمة الناتجة عن الحروق. وهو ما يجعل من هذا الجلد أداة حيوية لإنقاذ حياة المرضى في المراحل الحرجة، خصوصًا الأطفال الذين يمثلون أكثر الفئات هشاشة في مواجهة هذه الإصابات.
هذا الإنجاز الطبي يُعد قفزة نوعية لمستوى علاج الحروق في مصر، ويضع البلاد بين الدول الرائدة عالميًا في هذا المجال، حيث لم تعد الحياة أملًا بعيدًا للمرضى، بل واقعًا ملموسًا بفضل التزام الأطباء والمستشفى بتقديم أعلى مستويات الرعاية الإنسانية والطبية.