واشنطن تقدم «عرضا بلاتينيًا» لزيلينسكى لإنهاء الحرب
قدمت الولايات المتحدة للرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى ما وصفه مسؤولون أمريكيون بـ«العرض البلاتيني» للضمانات الأمنية، فى خطوة تمثل إنذاراً نهائياً لقبول شروط السلام قبل أن تتوقف المفاوضات فى مرحلة حاسمة قد تنهى الحرب المستمرة منذ نحو أربع سنوات.
وأكد زيلينسكى أن المقترحات التى تم التفاوض عليها مع المسؤولين الأمريكيين يمكن الانتهاء منها فى غضون أيام، وبعد ذلك سيقدمها المبعوثين الأمريكيين إلى الكرملين وأضاف أنه من المتوقع أن يصوّت الكونجرس الأمريكى على ضمانات أمنية، وأنه يتوقع إعداد مجموعة نهائية من الوثائق «أمس أو اليوم». وأضاف أنه بعد ذلك، ستجرى الولايات المتحدة مشاورات مع الروس، تليها اجتماعات رفيعة المستوى قد تُعقد فى نهاية هذا الأسبوع.
كشف المسؤولون الأمريكيون أن واشنطن عرضت خلال محادثات فى برلين ضمانات أمنية شبيهة بالمادة الخامسة من ميثاق حلف الناتو، لتأمين الدفاع الجماعى عن أوكرانيا فى حال تعرضها لأى عدوان روسى مستقبلى. وأكدوا أن هذه الضمانات لن تبقى مطروحة إلى الأبد، فى رسالة ضغط مباشرة على كييف لقبول الشروط.
أبرز عناصر العرض تشمل حماية أوكرانيا من أى غزو روسى مستقبلى، دعم أوروبا لهذه الضمانات، وإمكانية عرضها لاحقاً على مجلس الشيوخ الأمريكى لضمان التزام الولايات المتحدة، ومنع أى تراجع من أى إدارة أمريكية مستقبلية. وأشاد القادة الأوروبيون، بمن فيهم المستشار الألمانى فريدريش ميرتس، بالضمانات القانونية والمادية المقدمة، واصفين إياها بأنها «رائعة حقاً».
رغم التقدم الكبير، لا تزال الخلافات قائمة حول التنازلات الإقليمية، بما فى ذلك مستقبل مناطق دونباس وتقاسم محطة زابوريزهيا النووية بين روسيا وأوكرانيا. وتكشف الخطة الأمريكية عن دعوة أوكرانيا للانسحاب من نحو 14 % من أراضى دونباس التى تسيطر عليها حالياً، لتحويلها إلى منطقة اقتصادية حرة منزوعة السلاح لتقليل احتمالات التصعيد العسكرى مستقبلاً. وقد طرح زيلينسكى تساؤلات حول هذا الطرح، مؤكداً أن الشعب الأوكرانى وحده يمتلك صلاحية الموافقة على أى تنازلات، ما قد يتطلب استفتاءً شعبياً.
أكد المسؤولون الأمريكيون أن نحو 90 % من اتفاق السلام بات منجزاً بين كييف وموسكو، فيما تبقى القضايا المتعلقة بالأراضى الأكثر حساسية، بما فى ذلك انسحاب القوات الأوكرانية وموقف موسكو من التنازلات الإقليمية. ويظل الخلاف حول محطة زابوريزهيا النووية قائماً، حيث يُقترح تقاسم إنتاج الطاقة بنسبة 50 % بين البلدين.
وشدد زيلينسكى بعد اجتماعات استمرت نحو سبع ساعات على أن الخلافات قائمة بشأن ملف الأراضى، فيما أكد أن القرار النهائى يعود للشعب الأوكرانى. وأوضح أن أوكرانيا بحاجة لفهم كيفية عمل الضمانات الأمنية على أرض الواقع قبل اتخاذ أى قرارات حاسمة.
شارك فى المفاوضات مستشارا ترامب، ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر، كما شارك الرئيس الأمريكى عبر الهاتف فى مأدبة عشاء مع زيلينسكى وعدد من القادة الأوروبيين، مشيراً بعد المكالمة إلى أن الأمور تسير فى الاتجاه الصحيح وأن فرص التوصل إلى اتفاق باتت أقرب من أى وقت مضى.
وتشير المصادر الأمريكية إلى أن بقية عناصر العرض، بما فى ذلك الضمانات الأمنية الأقوى حتى الآن، لن تبقى مطروحة إلى الأبد إذا تعثر التوصل إلى اتفاق. وتخطط واشنطن لعقد جولة محادثات إضافية فى الولايات المتحدة، ربما فى ميامى، بمشاركة خبراء عسكريين للاطلاع على الخرائط ومناقشة التفاصيل الميدانية.
وتعكس الصفقة المحتملة رؤية واشنطن لمنح أوكرانيا ضمانات أمنية غير مسبوقة، تسريع مسار انضمامها إلى الاتحاد الأوروبى، وفتح الباب أمام مليارات الدولارات لإعادة الإعمار. لكنها فى المقابل تفرض تنازلات إقليمية كبيرة على كييف، فيما تمنح روسيا مكاسب ملموسة وفرصة لإعادة الاندماج فى الاقتصاد العالمى والمجتمع الدولى.
وفى خطوة تمهيدية لتهيئة المناخ السياسى والإنسانى لإبرام اتفاق أوسع، أيد زيلينسكى والمستشار الألمانى ميرتس مقترح وقف إطلاق النار خلال فترة عيد الميلاد، فى مؤشر على رغبة الأطراف كافة فى التوصل إلى حل شامل فى المرحلة المقبلة.