"الأحمد" بطل عملية "سيدنى" يربك حسابات "نتنياهو"
تل أبيب تستثمر الهجوم لعودة الحرب مع إيران ولبنان
خصص الإعلام الأسترالى تغطية واسعة للهجوم الذى استهدف يهودا بمنطقة شاطئ بوندى الشهير قرب مدينة سيدنى، حيث كشف بعض التفاصيل عن الهجوم، ونقل معطيات عن أنواع السلاح الذى يرجح استخدامه فى الهجوم، وخصص مجالا للإشادة بالرجل المسلم أحمد الأحمد الذى هاجم أحد المسلحين وانتزع منه سلاحه.
وبرز اسم أحمد الأحمد، صاحب متجر فواكه يبلغ 43 عامًا، كشخصية رئيسية فى الحادث بعدما تصدى لأحد المهاجمين وانتزع سلاحه، فى فعل وصفه مسؤولون أستراليون ودوليون بالبطولى.
وهو أب لطفلين، يدير متجرًا للفواكه فى ضاحية سذرلاند شاير جنوب سيدنى، وصل إلى أستراليا منذ سنوات، ووالداه وصلا من سوريا مؤخرًا، وقال ابن عمه مصطفى الأسعد، فى حديث أمام المستشفى، إن أحمد ليس لديه خبرة فى الأسلحة، وكان موجودًا فى المنطقة صدفة، وأضاف أن قريبه تصرف عفويًا عندما رأى الناس يسقطون، مؤكدًا أن حالته مستقرة بعد عملية جراحية لإزالة الرصاص.
وأشاد الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، بـ الأحمد، قائلًا إنه «شخص شجاع جدًا جدًًا أنقذ الكثير من الأرواح»، مضيفًا أنه يكن احترامًا كبيرًا لهذا الرجل الذى تعرض لإصابات، كما وصفه رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز بـ«البطل الحقيقي»، مشيرًا إلى أن تدخله أنقذ حياة الكثيرين، واصفًا المشهد بـ«أكثر المشاهد التى لا تصدق».
وعكس هذا التفصيل الإنسانى، تعقيد الواقع وتناقضه مع السرديات الإسرائيلية الجاهزة،
وقلّص من قدرة إسرائيل على تقديم الحادثة كدليل على تصاعد العداء الدينى، وأعاد تسليط الضوء على خطورة التعميم السياسى.
كما لعبت وسائل التواصل الاجتماعى دور كبيرًا فى كسر احتكار الرواية التقليدية، عبر نقل صور الحرب وتفاصيلها دون وسيط، ما أضعف قدرة الخطاب الرسمى الإسرائيلى على التحكم فى اتجاهات الرأى العام.
كما أن قطاعات واسعة من الرأى العام الأوروبى أصبحت أكثر وعيا بالفصل بين اليهودية كديانة، والصهيونية كمشروع سياسى، مما يجعل محاولات ربط التضامن مع الفلسطينيين بمعاداة السامية أقل قابلية للتسويق.
وأجمع محللون إسرائيليون، على أن عملية إطلاق النار فى أستراليا والتى قتل فيها 16 شخصا، كانت متوقعة إثر تزايد العداء للاحتلال الإسرائيلى بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة.
وقال المحلل العسكرى فى صحيفة «يسرائيل هيوم»، يوآف ليمور، إن يهود العالم، وكذلك الإسرائيليين فى الشتات، يواجهون حاليا خطرا غير مسبوق، والانتقادات المتصاعدة تجاه إسرائيل فى دول كثيرة أدت إلى هجمات موجهة ضد يهود وإسرائيليين
وأضاف أنه فى المستوى المحلى يستوجب ذلك استعداد واستنفار من جانب الجاليات اليهودية ومن جانب الشرطة المحلية. وأحداث معروفة مسبقا، وأماكن مثل مدارس وكُنس، معرضة للهجمات بشكل خاص. لكن هذه الدائرة الأخيرة التى يمكن دائما أن تقع أحداث فيها؛ وقبلها هناك دوائر استخباراتية، تستوجب متابعة ومراقبة وثيقة».
وأضاف أن الدول الديمقراطية ترتدع عن ذلك عادة، بسبب الحفاظ على حقوق الإنسان، لكن يبدو أن لا خيار أمامها الآن، وهى مطالبة أن تعمل بهذا الشكل الآن من أجل حماية اليهود بمشاركة إسرائيل
واعتبر أن هذه مهمة معقدة، لكن بإمكان تل أبيب تنفيذها، والخطوة الأبرز هى التعاون الاستخباراتى بين الموساد والشاباك ونظرائهما من أجل اعتقال مطلوبين وإحباط عمليات
وطالب حكومة الاحتلال بأن تفكر من جديد كيف ستضع حلا للتحدى الكبير الماثل أمامها. وهذه المهمة أكبر من مقاس وحدة «بيتسور» فى الموساد المسؤولة عن هذا الموضوع، وهى تمر من خلال وزارات وأجهزة أمنية إسرائيلية، يستوجب مواجهة كجبهة حقيقية، جبهة ثامنة، استمرارا لسبع جبهات الحرب النشطة التى تخوضها إسرائيل فى المنطقة.
وفتح الهجوم الدموى على احتفالات اليهود بعيد الأنوار الحانوكا فى قلب مدينة سيدنى الأسترالية الباب لمواجهة جديدة مع إيران وحزب الله
وجاءت العملية كطلقة منتظرة لعودة الحرب مع الكيان الصهيونى فى المنطقة بعد حرب الـ 12 يوم فى يونيو الماضى وفى ظل انتهاكات الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع لبنان وتصاعد المطالبات الإسرائيلية الأمريكية بنزع سلاح المقاومة اللبنانية على نهاية العام الجارى.
ووصل المبعوث الأمريكى توم باراك إلى الأراضى الفلسطينية المحتلة للقاء رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، لبحث استعدادات بدء المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى قطاع غزة.
وتأتى الزيارة على وقع تطورات إقليمية متداخلة، حيث يواصل الإحتلال الإسرائيلى عدوانه على جنوب لبنان، بينما تسعى الولايات المتحدة إلى منع انزلاق الأوضاع نحو مواجهة إقليمية واسعة.
وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية عدم موافقة أى دولة حتى الآن على الانضمام لقوة الاستقرار الدولية المقرر تشكيلها فى غزة بموجب خطة ترامب.
وحاول نتنياهو استثمار العملية إلا أن تفاصيل الهجوم أربك حسابات نتنياهو. وكذلك الخطاب الإسرائيلى حول ربطه بمعاداة السامية، بعدما كشفت التحقيقات أن الرجل الذى تصدى لأحد منفذى الهجوم وانتزع سلاحه كان مسلما، فى مشهد لقى إشادة واسعة داخل المجتمع الأسترالى.