بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

اﻟﺘﻘﻠﺒﺎت ﺗﺮﻫﻖ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺘﺄﻣين

عثمان شحاتة
عثمان شحاتة

يشهد قطاع التأمين خلال السنوات القادمة تحديات متزايدة نتيجة للتغيرات الديموغرافية، والتطورات التكنولوجية، والتقلبات الاقتصادية العالمية، والتى تتطلب استراتيجيات استباقية تُمكّن الشركات من تطوير منتجات مبتكرة وتحسين تجربة العملاء، مع ضمان الامتثال للقوانين والتشريعات الجديدة، بالإضافة إلى التطور التكنولوجى حيث يتعين على الشركات استيعاب تقنيات مثل الذكاء الاصطناعى وتحليلات البيانات الضخمة فى عملياتها.

يرى أحمد إبراهيم الخبير التأمينى أن صناعة التأمين فى مصر والعالم تواجه تحديات غير مسبوقة فى ظل التقلبات الاقتصادية العالمية المتسارعة، والتى تؤثر بشكل مباشر على جميع جوانب القطاع، من معدلات التضخم إلى أسواق الأسهم وأسعار الفائدة، مما يخلق بيئة معقدة تتطلب فهماً عميقاً واستراتيجيات متطورة للتعامل معها، ولفهم هذه المحاور الثلاثة الأساسية يعد الخطوة الأولى نحو بناء استراتيجية فعالة للتعامل مع التحديات الحالية والمستقبلية، وتأتى «معدلات التضخم»، والتى تؤثر على تكاليف التشغيل والمطالبات والقوة الشرائية للعملاء، ثم تليها «أسواق الأسهم»، والتى تحدد بدورها عوائد الاستثمارات والقدرة على تحقيق الأرباح المستهدفة، ثم «أسعار الفائدة» والتى تؤثر على عوائد الاستثمار وجاذبية المنتجات التأمينية، مشيرًا إلى أن هذه المحاور الثلاثة لا تعمل بمعزل عن بعضها البعض، بل تتفاعل فى علاقة ديناميكية معقدة، فمع ارتفاع معدلات التضخم، تواجه شركات التأمين ضغوطاً متعددة الأبعاد تؤثر على جميع جوانب أعمالها، من التسعير إلى إدارة المطالبات والاحتياطيات.

وقال الخبير: أما عن التحديات الاستثمارية، فلا ننسَ انخفاض قيمة المحفظة الاستثمارية فى فترات الهبوط، وصعوبة تحقيق العوائد المستهدفة لمنتجات الادخار والاستثمار، وزيادة المخاطر المرتبطة بتركز الاستثمارات، منوهًا إلى أنه فى ظل هذه البيئة الاقتصادية المعقدة، تحتاج شركات التأمين إلى تبنى مجموعة متكاملة من الاستراتيجيات التى تمكنها من التكيف والازدهار، والتى تتطلب رؤية شاملة وقدرة على التنفيذ السريع والفعال، بالإضافة إلى تطوير نماذج اكتوارية ديناميكية تراعى التضخم، واستخدام أدوات التحوط للحماية من تقلبات السوق، وبناء احتياطيات إضافية لمواجهة الصدمات، وتنويع محفظة إعادة التأمين، والتسعير الذكى والمرن، واستخدام الذكاء الاصطناعى فى نماذج التسعير، وتطبيق آليات تصعيد تلقائية فى الوثائق، وتقسيم دقيق للسوق حسب المخاطر، وتحسين الكفاءة التشغيلية، وأتمتة العمليات لتقليل التكاليف، وتحسين إدارة المطالبات والكشف عن الاحتيال، والاستثمار فى التكنولوجيا والتحول الرقمى، وتحسين إنتاجية الموظفين من خلال التدريب، والتحليل المستمر، وتطوير سيناريوهات متعددة وخطط طوارئ، واتخاذ القرارات وتطبيقها بسرعة وفعالية، وقياس الأداء وتعديل الاستراتيجيات حسب الحاجة.

ولفت الخبير إلى أن البيئة الاقتصادية المتقلبة تخلق فرصاً فريدة للشركات ذات الرؤية الاستراتيجية: منها الاستحواذ على حصص سوقية من المنافسين الأضعف، وشراء أصول استثمارية بأسعار مخفضة، وإطلاق منتجات مبتكرة تلبى احتياجات السوق المتغيرة، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية، والابتكار فى المنتجات، وتطوير منتجات تأمينية مرتبطة بمؤشرات التضخم، وثائق مرنة تتكيف مع التغيرات الاقتصادية، منتجات ميكرو تأمين بأسعار تنافسية، وحلول تأمين رقمية مبتكرة تناسب الجيل الجديد من العملاء.

وعن تأثير التقلبات الاقتصادية على العملاء، يتحمل العملاء الجزء الأكبر من تأثير التقلبات الاقتصادية على صناعة التأمين، من ارتفاع أسعار الوثائق إلى تغير شروط التغطية، تؤثر هذه التغيرات بشكل مباشر على قدرة المواطنين على الحصول على الحماية التأمينية المناسبة، ومع زيادة التضخم وتكاليف المطالبات، تضطر الشركات لرفع أسعار الأقساط بنسب قد تصل إلى 40-50% فى بعض فروع التأمين.

واتفق معه فى الرأى، عثمان شحاتة، الخبير الضريبى والمالى، مؤكدًا ضرر قطاع التأمين بسبب التقلبات الاقتصادية العالمية، والتى تؤثر على كل من جانب الالتزامات (المطالبات والمخصصات والاحتياطيات ورأس المال) وجانب الأصول (الاستثمارات) لشركات التأمين، مشيرًا إلى أن التضخم يرفع بشكل رئيسى من تكلفة المطالبات والتعويضات، خاصة فى تأمينات الممتلكات والمسؤوليات (التأمينات العامة)، بينما يؤثر على القيمة الحقيقية لوثائق تأمينات الحياة، كما يؤدى التضخم إلى زيادة أسعار المواد والخدمات (مثل قطع غيار السيارات، تكاليف البناء، ونفقات الرعاية الصحية)، ما يرفع من قيمة المطالبات التى تدفعها شركات التأمين.

وأشار«شحاتة» إلى أن هذا الارتفاع يضغط على هامش الربح لشركات التأمين، خاصة إذا لم يتم تعديل أقساط التأمين بالسرعة الكافية لمواكبة التضخم، ولإحداث التوازن مع ارتفاع تكلفة التعويضات المتوقعة، تضطر شركات التأمين إلى رفع أسعار التأمين (الأقساط)، ونوه أنه أيضًا على المدى الطويل، قد يؤدى التضخم المرتفع إلى انخفاض القوة الشرائية للأفراد، ما يقلل من قدرتهم أو رغبتهم فى شراء وثائق تأمين جديدة أو يضعف الميل للادخار وشراء التأمين، كما يؤدى ارتفاع التضخم إلى انخفاض القيمة الحقيقية لمبالغ التأمين الثابتة فى وثائق تأمين الحياة (طويلة الأجل) عند الاستحقاق، ما قد يضعف جاذبية هذه الوثائق.

أما عن إجراءات لمواجهة التقلبات الاقتصادية، أشار الخبير إلى أن تتخذ شركات التأمين فى مصر عدة إجراءات، والتى أصبحت أكثر إلزامية وتنظيمًا بعد صدور قانون التأمين الموحد رقم 155 لسنة 2024 والقرارات التنفيذية الصادرة عن الهيئة العامة للرقابة المالية، والتى تركز بشكل أساسى على تعزيز الملاءة المالية وإدارة المخاطر، لمواجهة التقلبات الاقتصادية (مثل انخفاض قيمة الأصول أو ارتفاع المطالبات).

أما عن إطار إدارة المخاطر والحوكمة، لفت الخبير إلى أن القانون يطالب الشركات بتبنى نظم قوية لإدارة جميع المخاطر، بما فى ذلك المخاطر الاقتصادية، بالإضافة إلى إدارة المخاطر الاستباقية حيث يدعم القانون توجه الهيئة نحو الرقابة الاستباقية المبنية على المخاطر، ما يتطلب من الشركات إعداد إطارات عمل تفصيلية لإدارة مخاطر السوق (أسعار الفائدة، أسعار الأسهم) ومخاطر التضخم التى تؤثر على المطالبات، أما عن قواعد الحوكمة فقد أصدرت الهيئة قرارات بشأن قواعد حوكمة شركات التأمين (مثل القرار رقم 200 لسنة 2025) لتعزيز الشفافية والمساءلة وسلامة اتخاذ القرارات الداخلية، خاصة فى مجالات الاستثمار واحتساب المخصصات الفنية، بالإضافة إلى أن الهيئة تفرض قيوداً على نسب استثمار أموال الشركات فى فئات الأصول المختلفة (مثل الأسهم والسندات والعقارات) لضمان التنويع وتقليل الخسائر الناتجة عن تقلبات البورصة.