فيلم "العملاق" لـ أمير المصري يفتتح مهرجان البحر الأحمر بقصة نسيم حميد
انطلقت فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته الخامسة بفيلم "العملاق"، الذي اختير احتفاءً بقصة معروفة تعود بالضوء إلى أسطورة الملاكم نسيم حميد، ذلك البطل الذي كان دخوله إلى الحلبة حدثاً بصرياً استثنائياً لا يقل إثارة عن أداء ضرباته.
ويقدم فيلم Giant بطولة أمير المصري وبيرس بروسنان سرداً نابضاً بالحياة، متماسك الإيقاع، وقريباً من شخصية يصعب تقييدها، فنسيم حميد لم يكن مجرد بطل عالمي، بل كان عرضاً دائماً يمزج بين الثقة الطاغية والموهبة الخارقة والخلفية الاجتماعية التي تركت أثراً لا يمكن تجاهله.
بدايات نسيم حميد ورحلته الصاعدة
كما يبدأ الفيلم من طفولة حميد داخل بيئة مهمشة في المجتمع البريطاني، ليتتبعه في رحلة صعود سريعة تكاد تلتهم كل ما حولها. هذه الرحلة، التي يجسّدها أمير المصري بقدرة لافتة، تُطرح كحكاية عن الهوية بقدر ما هي قصة عن الرياضة.
أداء أمير المصري وتفاصيل الشخصية
ويمنح أمير المصري الشخصية جاذبية أكبر وحضوراً جسدياً واضحاً، مقدّماً تناقضاتها بلا مبالغة، مراهق يثقل كاهله حلمه، ورجل يكاد يضيع تحت وهج النجومية.
معالجة الفيلم وتقنياته البصرية
وبالرغم من ذلك، يبقى الفيلم في منطقة وسطى لا يبلغ فيها العمق الكافي، فمشاهد الملاكمة مصنوعة بمهارة تقنية تلتقط حركة الجسد وتوتر اللحظة، لكنها تحاصر الشخصية ضمن إطار بصري محسوب أكثر مما هو مُلهم.
وبين هذه المشاهد، تظهر العلاقات الإنسانية وكأنها حشو درامي يملأ المساحات بين الجولات من دون بناء تأثير داخلي حقيقي.
العلاقة بين نسيم حميد ومدربه
ومن ناحية أخرى، تشكل علاقة نسيم بمدربه بريندان إنجل—الذي يؤديه بيرس بروسنان بقوة دافئة العمود الفقري للفيلم، علاقة أقرب لنموذج الأب والابن، حيث يحاول المدرب ضبط إيقاع الصبي قبل أن يأسره بريق الشهرة.
وهنا يلمس الفيلم مساحة غنية بالأسئلة لكنه يتراجع عن استثمارها بعمق كافٍ.
الموسيقى وتأثيرها على السرد
وبالإضافة لذلك، تأتي الموسيقى المستخدمة بكثافة غير مبررة لتعيق تأثير كثير من اللحظات التي كان الصمت فيها قادراً على التعبير أكثر من الأوركسترا الصاخبة، وكأن الفيلم يلاحق انفعالاً لم يمنحه السرد ما يكفي من الأصالة.
ومع كل ما سبق، يبقى "العملاق" فيلماً جذاباً وسهل المتابعة، يحمل رغبة صادقة في رواية قصة بطل عربي ترك بصمة عالمية.
يعرض "العملاق" صورة مشرقة عن الحضور العربي في السينما العالمية، ويوفّر لأمير المصري مساحة لإظهار قدرات لافتة، لكنه يظل ناقصاً، ولن يدخل قائمة أهم أفلام السيرة الذاتية الرياضية، عملاً كان يمكن أن يصبح أكثر قوة لو امتلك شجاعة الكشف عن الحقائق الصامتة خلف الأسطورة.