بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

علماء يتوصلون لعلاج من أعماق البحار لمرض الأمعاء الالتهابي

بوابة الوفد الإلكترونية

 يمثل الأسبوع الأول من شهر ديسمبر كل عام فرصة عالمية لتسليط الضوء على "داء كرون" و"التهاب القولون التقرحي"، وهما من أبرز الأمراض المصنفة تحت مظلة "داء الأمعاء الالتهابي" (IBD).

داء الأمعاء الالتهابي: أنواعه، أسبابه، وطرق علاجه - ويب طب

 تشهد أعداد المصابين بهذا المرض المزمن نمواً ملحوظاً، إذ ازدادت بشكل كبير منذ عام 1990. ويتميز المرض بالتهاب مستمر في القناة الهضمية مصحوب بأعراض منهكة تشمل آلام البطن الشديدة، الإسهال الحاد، والنزيف وتُعد الفئة العمرية بين 15 و39 عامًا الأكثر عرضة للإصابة، مما يبرز الحاجة إلى جهود متزايدة لتطوير حلول علاجية أكثر فاعلية.

 إزاء تحديات العلاج التقليدي الذي يفشل في تحقيق استجابة كافية لدى نسبة كبيرة من المرضى أو تظهر مقاومة لدى البعض، يتوجه العلماء نحو مصدر طبيعي مبتكر: الطحالب البحرية.

 منذ عام 2021، انطلق مشروع بحثي طموح تحت اسم Algae4IBD، يهدف إلى استكشاف الإمكانات الواعدة لهذه الكائنات البحرية، بدءاً من الطحالب الدقيقة وصولاً إلى الأعشاب البحرية، في علاج أمراض الأمعاء الالتهابية بطرق غير تقليدية.

 يرتكز المشروع على دراسة أكثر من ألف سلالة طحلبية بهدف العثور على مركبات طبيعية ذات خصائص فريدة تساعد على تهدئة الالتهابات المزمنة، وتحسين توازن ميكروبيوم الأمعاء الصحي، ومكافحة الاختلالات البكتيرية التي تُعد من العوامل المؤثرة في المرض.

 وفي إطار التعاون الدولي، تقوم فرق بحثية متعددة بتوظيف مهاراتها لتحقيق تقدم ملموس. ففي ميلانو الإيطالية، يتم اختبار مستخلصات الطحالب على أنسجة مأخوذة من 55 مريضًا، بينما يقوم شركاء صناعيون في فرنسا وأيرلندا بتحويل الاكتشافات إلى منتجات غذائية وظيفية تضم حلوى الجيلي الصحية والمخبوزات والزبادي المدعّم الغني بالفوائد الغذائية. ولضمان جودة عالية وأداء موثوق، تُزرع الطحالب في أنظمة داخلية متقدمة تحاكي بيئتها الطبيعية تحت ظروف محكمة، ما يسهم في تسهيل استخدامها في المجالات الصيدلانية والغذائية مستقبلاً.

 تشير النتائج الأولية للمشروع إلى خصائص مضادة للالتهابات أظهرتها مستخلصات الطحالب مع قدرة الجسم على تحملها بشكل إيجابي، رغم أن الفريق البحثي لا يزال يواجه تحديات لتحديد العناصر النشطة المسؤولة عن هذا التأثير الفعال، بهدف تطويرها كأدوية تخصصية أو مكملات غذائية تعزز الصحة.

 تتجاوز أهمية المشروع حدود البحث عن علاج جديد؛ فهو يُعد نموذجًا للاستفادة المتكاملة من الموارد الطبيعية كالطحالب البحرية عبر مزج الحكمة البيئية مع الابتكار العلمي والتقنيات المتقدمة، ويسعى الباحثون أيضًا إلى تصميم "أطعمة خارقة" تجمع العديد من الفوائد الصحية من مكافحة الالتهابات وتعزيز المناعة وصولاً إلى خصائص البروبيوتيك والبريبايوتيك.

 تأتي هذه المبادرات في وقت تتزايد فيه الحاجة الماسة إلى حلول مبتكرة تخفف من معاناة مرضى داء الأمعاء الالتهابي، ويبدو أن أعماق المحيطات تحمل بين طياتها وعدًا جديدًا لمستقبل مليء بالأمل لملايين المرضى حول العالم، بفضل إمكانات الطحالب البحرية الفريدة.