بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مصر تقترب من صناعة قوة اقتصادية حقيقية

عندما تتجاوز الصادرات السلعية المصرية غير البترولية حاجز الـ40 مليار دولار، فهذه ليست مجرد إحصاءات تُنشر فى تقرير رسمى، بل مؤشر واضح على أن الاقتصاد المصرى بدأ يستعيد توازنه ويسترجع جزء من قدرته الإنتاجية، ما يحدث الآن ليس ضربة حظ ولا نتيجة ظرف عابر، بل ثمرة سنوات من إعادة ترتيب البيت الاقتصادى ومحاولات جادة لعودة الصناعة والزراعة إلى موقعهما الطبيعى كقاطرة للنمو.

ارتفاع الصادرات بهذا الشكل يعكس أمرا مهمًا ألا وهو أن السوق العالمية بدأ يتعامل مع المنتج المصرى باعتباره منتجا يمكن الوثوق بجودته والاعتماد عليه، وهذه النقلة لم تكن لتتحقق لولا توسع الدولة فى دعم المصانع وتشجيع الاستثمار فى القطاعات القادرة على تحقيق قيمة مضافة حقيقية.

قطاع الصناعات التحويلية بدأ يستعيد مكانته، لا سيما فى الصناعات الكيماوية والمعدنية وصناعة الأسمدة وهى قطاعات تمثل العمود الفقرى لأى اقتصاد يريد أن يرفع حجم صادراته، بالتوازى يشهد قطاع الزراعة اتساعا ملحوظا فى الإنتاج القابل للتصدير، خصوصا بعد الاهتمام بمحاصيل تحتاجها الأسواق العالمية والاقتراب مرة أخرى من الاستفادة الحقيقية من القطن المصرى من خلال توسيع صناعة الغزل والنسيج بدلا من تصديره خام.

ولا يمكننا تجاهل الثروات الطبيعية التى تمتلكها مصر والتى تشكل ركيزة أساسية فى مستقبل الاقتصاد، فالرمال البيضاء والسوداء والفوسفات والمواد الخام التى تعتمد عليها الصناعات الكيماوية، كلها عناصر يمكنها رفع عائدات التصدير إذا تم تطويرها بطريقة مدروسة وتحت إشراف صناعى وليس تجارى فقط.

وفى جانب مواز، تستعيد السياحة الثقافية دورها كمصدر مهم للعملة الصعبة، المتحف الكبير يقدم نموذجا واضحا لكيفية تحويل كنوز مصر الأثرية إلى مورد اقتصادى فعال آلاف السائحين يأتون لرؤية آثار لا نظير لها فى العالم وهو ما يدعم ميزان المدفوعات ويُنشط قطاعات خدمية متعددة.

هذه التحركات المتوازية فى الصناعة والزراعة والموارد الطبيعية والسياحة تعنى أن مصر تسير فى اتجاه واضح، وتبنى قاعدة إنتاجية لا تعتمد على قطاع واحد، بل على عدة محاور يمكنها دعم هدف الوصول إلى 100 مليار دولار صادرات خلال السنوات المقبلة، قد يبدو الهدف كبيرا، لكنه أصبح واقعيا مع وجود خطة عمل واضحة وإرادة سياسية تستند إلى أرقام وتطورات حقيقية على الأرض.

مصر اليوم ليست كما كانت قبل سنوات، هناك جهد يبذل واقتصاد يعيد بناء نفسه بهدوء وثبات، وإذا كانت الصادرات قد تجاوزت 40 مليار دولار فإن الوصول إلى أضعاف هذا الرقم ليس حلما بعيدا بل نتيجة طبيعية إذا استمرت الدولة فى دعم الإنتاج وتعزيز ثقة المستثمرين وتطوير بيئة الأعمال، الطريق ما زال طويلا لكن الخطوات التى تحققت تقول إن مصر قادرة على أن تبنى اقتصادا أكثر قوة، وأن تفرض نفسها لاعبا مؤثرا فى الأسواق العالمية، هذه هى الحقيقة بلا مبالغة وبلا تجميل.. حفظ الله مصر جيشا وشعبا وقيادة.