«هذا هو الإسلام»
الطير لا يجوع فى دياره
يحتفل العالم يومى 11 مايو و12 أكتوبر سنويًا، باليوم العالمى للطيور المهاجرة، تزامنًا مع دورة هجرة هذه الطيور، وهناك حملات لحماية هذه الطيور والحد من الملوثات التى تتسبب فى نفوق الكثير منها، وفى الحقيقة إن العطاء الحضارى للإسلام فى هذا الشأن أسبق فقد رصد العقل المسلم منذ القديم حركة الطيور المهاجرة فوجدها تستقر فى بعض بلاد المسلمين فأسرع إلى رعايتها ومن هذه البلاد مدينة «فاس» بالمغرب حيث قام الخيرون بإيقاف العديد من المقاطعات الزراعية لزراعة القمح والحبوب لنوع من نوع الطير يأتى فى موسم معيَّن، فيدفعون له الحب والماء مما يعينه على البقاء، ويسهِّل له العيش فترة مكوثه؛ وكأن هذا الطير المهاجر الغريب له على أهل البلد حقّ الضيافة والإيواء!! بل والعلاج أيضًا فقد أوقفوا أوقفًا لعلاج طائر «اللقلاق» وهو من الطيور المهاجرة طويل الساق فكانت قدمه تتعرض للكسر والأذى إذا حط على الأرض، فكان هذا الطائر يُطعم وتُضمد ساقه ويُدرب على الطيران فإذا تعافى أُطلق لمواصلة رحلته، وهم بذلك يقتدون برسول الله فقد كان عليه السلام يُمَرِّض الدِّيكَ إذا مرض، ونهى عن سبه، ويدعو المسلمين أن يحتسبوا ما يأكله الطير من زرعهم صدقة فيقول: «ما مِن مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ منه طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كانَ له به صَدَقَةٌ» (رواه البخاري) كما حذر الإسلام من الصيد الجائر للطيور فيقول عليه السلام:»من قتل عصفورًا عج (صاح) إلى الله يوم القيامة يقول: يا رب إن فلانًا قتلنى عبثًا ولم يقتلنى منفعة» (رواه ابن حبان) وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَا مِنْ إنْسَانٍ قَتَلَ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا إلاَّ سَأَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا» قِيلَ:يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ: «يَذْبَحُهَا فَيَأْكُلُهَا وَلاَ يَقْطَعُ رَأْسَهَا يَرْمِى بِهَا» (رواه النسائي) بل إن الإسلام يلتفت إلى نفسية الطير ويصف فقده لولده بالفجيعة وينهى عن أن يتسبب مسلم فى فجيعة طائر فى ولده فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِى سَفَرٍ، فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ، فَرَأَيْنَا حُمَّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءَتِ الْحُمَرَةُ، فَجَعَلَتْ تُفَرِّشُ، فَجَاءَ النَّبِيُّ، فَقَالَ:«مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا» (سنن أبى داود)، لذلك كان قضاة المسلمين يقعون أشد العقاب على من يؤذى الطير فها هو قاضى قضاة مصر «الحسن بن محمد بن على حسام الدين البغدادى الحنفى (ت:522هـ) يمر برجل راكب وفى يده فَرُّوجان – زوج من الدجاج- وقد جعل أرجلهما بيده، ورأسيهما منكسين، فلما رآه وقف وطلب الرسل فأخذوا الرجل، وأحضروه إلى الصالحية، فقال له: كيف يَحِلُّ لك أن تأخذ حيوانًا تجعلُ رجليه فى يدك، ورأسه إلى أسفل، اصْلبوا هذا حتى يعرفَ إن كان هذا الفعل يضر، فحصلت فيه شفاعة، فاختصر أمرهُ على أن ضربهُ ضربًا مؤلما» (الطبقات السنية فى تراجم الحنفية3/108)، هذا هو الإسلام الذى دفع المسلمين أن يلقوا بالحب على أسطح الجبال حتى لا يقال بأن الطير قد جاع فى المسلمين.
من علماء الأزهر والأوقاف