بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

كنوز الوطن

حين تتحدث القوة المصرية بلغة المستقبل

لم يكن معرض EDEX 2025 مجرد فعالية دولية لعرض أحدث ما وصلت إليه الصناعات الدفاعية بل جاء كرسالة استراتيجية شاملة تؤكد أن مصر لا تتحرك بمنطق رد الفعل بل بعقل الدولة التى تخطط للمستقبل وتبنى قوتها على أسس العلم والتكنولوجيا والتصنيع الوطنى.

المعرض كشف أن القوة فى عالم اليوم لم تعد تقاس بعدد الأسلحة فقط بل بمن يملك قرارها ومعرفتها وقدرته على تطويرها وهو ما قدمته مصر للعالم بوضوح فى هذا الحدث الدولى الكبير.

جاء توقيت انعقاد EDEX 2025 بالغ الدقة وسط إقليم يموج بالصراعات وعالم يشهد تحولات متسارعة فى طبيعة الحروب وانتقالها من المواجهات التقليدية إلى حروب التكنولوجيا المتقدمة والطائرات المسيرة والذكاء الاصطناعى وأنظمة الردع الذكية. وفى هذا التوقيت تحديداً بدا المعرض وكأنه إعلان هادئ عن جاهزية الدولة المصرية للتعامل مع حروب المستقبل بعقل علمى ومنهج استراتيجى طويل المدى لا بالشعارات ولا بردود الأفعال المؤقتة.

رسائل EDEX 2025 تجاوزت حدود القاعات المغلقة وخرجت إلى الداخل والخارج فى آن واحد. للخارج رسالة ردع واضحة مفادها أن مصر تمتلك جيشاً عصرياً وصناعات دفاعية متطورة وعلاقات دولية متوازنة تمكنها من حماية أمنها القومى ومصالحها الاستراتيجية دون ارتهان أو وصاية وأنها تتحرك فى دوائر توازن دقيقة تجمع بين مصالح الدولة واستقلال القرار. وللداخل طمأنة بأن الدولة لا تعتمد على الاستيراد فقط بل تخوض معركة حقيقية فى مجال التصنيع ونقل التكنولوجيا وبناء الخبرات الوطنية بما يعزز ثقة المواطن فى أن أمنه القومى يدار بعقل الدولة لا بعقل اللحظة.

كما حمل المعرض رسالة اقتصادية لا تقل أهمية عن رسائله العسكرية تؤكد أن الصناعات الدفاعية لم تعد عبئاً على الاقتصاد بل أصبحت رافعة إنتاجية وبوابة حقيقية للاستثمار والتصدير والتكنولوجيا المتقدمة تسهم فى تعميق الصناعة الوطنية وتوفير فرص عمل نوعية ونقل خبرات دقيقة إلى مجالات مدنية متعددة.

وعلى المستوى السياسى بدا EDEX 2025 ترجمة عملية لسياسة التوازن التى تنتهجها مصر فى علاقاتها الدولية حيث تنفتح على الجميع دون أن ترتهن لأحد وتتحرك بمنطق الشراكة لا التبعية وبمنطق المصالح لا الاستقطابات الحادة.

وفى محصلة المشهد كله لم يكن EDEX 2025 مجرد معرض سلاح ينتهى بإغلاق أبوابه بل كان مشهد دولة كاملة تعلن بثقة أنها تعرف طريقها وتبنى قوتها بهدوء وتحدث أدواتها باستمرار وتخاطب العالم بلغة المستقبل لا بلغة الماضى.

وهكذا لم يكن EDEX 2025 مجرد حدث عابر بل مدرسة فى معنى الدولة القوية ورسالة مفتوحة تقول إن مصر حين تختار طريقها لا تعود للخلف وحين تبنى قوتها تبنيها بعقل العلم وكرامة السيادة. هو تأكيد جديد أن هذا الوطن لا يحمى حدوده فقط بل يحمى مكانته ولا يصنع سلاحه فقط بل يصنع قراره وأن مصر كما كانت دائماً حين تدخل ميادين التحدى تدخل بثبات الكبار وتخرج أكثر قوة وثقة وحضوراً فى قلب العالم.