مبعوثا «ترامب» يتجهان إلى موسكو لحسم أخطر بنود خطة السلام مع أوكرانيا
وصفت كايا كالاس، كبيرة الدبلوماسيين فى الاتحاد الأوروبى، هذا الأسبوع بأنه «أسبوع محورى للدبلوماسية»، وأعربت عن إحباطها من تهميش أوروبا من محادثات فلوريدا، وترك أوكرانيا وشأنها. وقالت: «لو كانوا متحدين مع الأوروبيين، لكانوا بالتأكيد أقوى بكثير. لكننى أثق فى أن الأوكرانيين سيدافعون عن أنفسهم وقال وزير الخارجية الفرنسى جان نويل بارو إن الاجتماع بين الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون والرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلنسكى يهدف إلى «دفع المفاوضات إلى الأمام».
وقال لصحيفة «لا تريبيون ديمانش» إن «السلام فى متناول اليد إذا تخلى فلاديمير بوتين عن أمله الوهمى فى إعادة بناء الإمبراطورية السوفيتية من خلال إخضاع أوكرانيا أولاً».
كما أفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأن المبعوث الأمريكى ستيف ويتكوف ومستشار ترامب وصهره جاريد كوشنر توجهاً إلى روسيا أمس الاثنين لمتابعة المحادثات التى تجريها واشنطن مع موسكو بشأن خطة السلام الخاصة بالحرب فى أوكرانيا. جاء ذلك بعد اجتماع مطول شارك فيه وزير الخارجية ماركو روبيو وويتكوف وكوشنر مع الوفد الأوكرانى استمر أكثر من أربع ساعات، حيث قال روبيو إن المحادثات شهدت تقدماً ملموساً رغم تعقيد الملفات المطروحة.
تناول النقاش الجداول الزمنية المحتملة لإجراء انتخابات جديدة فى أوكرانيا، وإمكانية تنفيذ تبادل أراضٍ بين روسيا وأوكرانيا، وفقاً لما ذكره مسئول أمريكى رفيع المستوى. إلا أن قضايا حساسة بقيت عالقة، فى مقدمتها طبيعة الضمانات الأمنية الغربية، ومسألة رسم الحدود والسيطرة على الأراضى. وفى صورة التقطت خارج ميامى ظهر روبيو وكوشنر إلى جانب الوفد الأوكرانى.
ووفقاً لمسئولين أوكرانيين تحدثوا لموقع أكسيوس، ركزت مفاوضات الأحد على ترسيم خطوط السيطرة الفعلية بين روسيا وأوكرانيا فى إطار اتفاق سلام محتمل. ووصف المسئولان الاجتماع الذى امتد خمس ساعات بأنه صعب ومكثف لكنه مثمر. ويكتسب هذا الملف أهمية استثنائية لأن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الذى من المتوقع أن يلتقى ويتكوف اليوم الثلاثاء ما زال مصراً على السيطرة الكاملة على إقليم دونباس شرقى أوكرانيا.
تريد الولايات المتحدة من كييف القبول بتسليم مساحات من الأراضى لإقناع بوتين بإنهاء الحرب، وهو تنازل مؤلم سياسياً قد يثير غضباً كبيراً داخل أوكرانيا. وقد وصل الجانب الأمريكى إلى اجتماع الأحد فى نادى شيل باى للغولف الذى يملكه ويتكوف قرب ميامى أملاً فى تحقيق تقدم يسمح بتقديم مقترحات واضحة لبوتين. وبعد ساعة من النقاش الواسع تم تقليص الاجتماع إلى ثلاثة مسئولين من كل طرف لمناقشة خط السيطرة الإقليمية حصراً.
وحضر من الجانب الأمريكى ويتكوف وروبيو وكوشنر، بينما مثل أوكرانيا مستشار الأمن القومى رستم عمروف ورئيس الأركان العامة الجنرال أندريه هناتوف ونائب رئيس الاستخبارات العسكرية فاديم سكيبيتسكى. وبعد انتهاء المحادثات المشتركة عقد عمروف اجتماعاً ثنائياً مع ويتكوف قبل أن يجرى اتصالاً مباشراً مع الرئيس فولوديمير زيلينسكى لاطلاعه على التفاصيل. وقال أحد المسئولين الأوكرانيين لاكسيوس أن اللقاء كان حاداً لكنه لم يكن سلبياً، مؤكداً تقدير كييف الجدى للمشاركة الأمريكية، ومشدداً على أن هدفهم هو دعم جهود واشنطن دون خسارة البلاد او السماح بعدوان جديد.
وأشارت مصادر أوكرانية إلى أن زيلينسكى كان يريد مناقشة مسألة الأراضى مباشرة مع ترامب، لكن الرئيس الأمريكى قال إنه لن يلتقى زيلينسكى أو بوتين مجدداً إلا عندما تقترب الأطراف من اتفاق شامل. ومع ذلك أبدى الجانبان تفاؤلاً بعد اجتماع ميامى. وقال ترامب للصحفيين خلال عودته من فلوريدا إلى واشنطن أنه اطلع على نتائج المحادثات ويعتقد بوجود فرصة جيدة للتوصل إلى اتفاق. ووصف مسئول أمريكى كبير المفاوضات بأنها إيجابية. وكتب عمروف على تيليجرام أن أوكرانيا حققت تقدماً ملموساً فى تقريب موقفها من الموقف الأمريكى، مؤكداً ثبات أهداف كييف فى الأمن والسيادة والسلام الدائم.
والتقى عمروف مع زيلينسكى فى باريس، أمس الاثنين، لتقديم تقرير تفصيلى عن المفاوضات، بينما توجه ويتكوف إلى موسكو فى اليوم نفسه تمهيداً لاجتماعه مع بوتين يوم الثلاثاء. وقال مسئول أوكرانى إن السؤال الأساسى يتعلق بموقف الروس وما إذا كانت نواياهم حقيقية، مضيفاً أنهم ينتظرون ما سيعود به ويتكوف من موسكو.
وكان من المتوقع أن يرأس رئيس موظفى زيلينسكى والمفاوض الرئيسى أندريه يرماك الوفد الأوكرانى، لكنه استقال يوم الجمعة بعد مداهمة منزله من قبل سلطات مكافحة الفساد، فى تطور أثار قلقاً داخل الحكومة الأوكرانية. ووفق مصادر أوكرانية، بعث يرماك رسالة لمساعديه يوم الأحد قال فيها إنه متوجه إلى الجبهة فى شرق البلاد. وقد وصلت الوحدة الأوكرانية التى يقودها آلان عمروف إلى ميامى، وضمت نائب وزير الخارجية سيرجى كيسليتسيا وسفيرة أوكرانيا لدى الولايات المتحدة أولغا ستيفانيشينا ورئيس الأركان العامة الجنرال هناتوف ومسئولين من الاستخبارات الأوكرانية. وشارك من الجانب الأمريكى روبيو وويتكوف وكوشنر.
ويأمل الجانب الأمريكى أن يساعد تقديم مجموعة تفاهمات منسقة بين واشنطن وكييف فى دفع بوتين نحو اتفاق. لكن بعد نجاح أوكرانيا فى إدخال تعديلات على الخطة الأمريكية المؤلفة من 28 نقطة، بدأ الكرملين يثير الشكوك حول مدى استعداده لقبول الشروط المعدلة. كما شدد بوتين على مطالبه الإقليمية قائلاً إن روسيا ستستولى على جميع الأراضى التى تطالب بها سواء سلمياً أو بالقوة، متهماً كييف بالاستعداد للقتال حتى آخر أوكرانى، ومؤكداً أن موسكو ستواصل القتال إذا لزم الأمر.