بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

درس التنظيم فى انتخابات 2025

 

الانتخابات صوت فى الصندوق، وما بين الصوت الانتخابى والصندوق تنظيم انتخابى للحشد، وخطاب سياسى للإقناع والتأثير. أى أن الانتخابات ليست فى المؤتمرات الكبيرة التى أصبحت تجرى فى مصر بطريقة «هوليوودية». أو على مواقع التواصل الاجتماعى «السوشيال ميديا».

المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية ما بعد «الفيتو« الرئاسى جاءت كاشفة لضعف وهشاشة تنظيمية كبيرة لكل الأحزاب السياسية المصرية الكبير منها والصغير، والمؤيد منها قبل المعارض. الأحزاب المصرية وكأنها تفاجأت أنها فى سياق سباق انتخابى وأمام تنافس حقيقى، اهتمت بالشكل الانتخابى الدعائى، لا التنظيم الانتخابى والفارق كبير.

الأحزاب السياسية المصرية افتقرت للفاعلية التنظيمية فى حشد الناخبين، ما يعكس خللا كبيرا فى ديناميات عمل تلك الأحزاب، وعدم استنادها لقواعد عضوية وشعبية حقيقية؛ هنا حديث الأرقام لا يكذب ولا يتجمل. تبعا للحصر العددى المعلن للجولة الأولى من انتخابات المرحلة الثانية، فالكلمة كانت لإرادة المصريين والصندوق الانتخابى، وكيف كان تدخل الرئيس حاسماً وأعطى أمل كبير للمرشحين من المستقلين المؤهلين علمياً وشعبياً فى منافسة انتخابية حقيقية، لذلك يخوض جولة الإعادة عدد ليس بالقليل من المرشحين المستقلين الذين يخوضون الانتخابات بشكل عام - للمرة الأولى - أى أنهم وجوه جديدة على الساحة الانتخابية. عدد المستقلين الذين يخوضون جولة الإعادة فى المرحلة الثانية أكبر من إجمالى المرشحين الثلاثة للأحزاب الرئيسة داخل التحالف مجتمعة. وهذا يعنى أن المستقلين باتوا الكتلة الأوسع فى جولة الإعادة، وهو تطوّر قد يؤثر على تشكيل الخريطة النهائية للمقاعد الفردية داخل البرلمان المقبل.

أما عن خسائر الأحزاب فحدث ولا حرج؛ لأرقام المبدئية للحصر العددى فى المرحلة الثانية تكشف عن تحولات مهمة فى خريطة المنافسة على المقاعد الفردية، خاصة داخل تحالف الأحزاب الثلاثة الرئيسية: مستقبل وطن – حماة وطن – الجبهة الوطنية. وفق الحصر العددى المعلن من اللجان العامة: جاء حزب حماة وطن فى المرتبة الأولى من حيث الأحزاب الأعلى خسارة داخل التحالف، بخسارة 10 مقاعد. فى المرتبة الثانية حزب مستقبل وطن خسر 6 مقاعد. وحل ثالثاً حزب الجبهة الوطنية بخسارة 4 مقاعد. هذه الخسائر تعكس ارتفاع منسوب المنافسة أمام المستقلين، إضافة إلى تأثيرات المزاج المحلى فى بعض الدوائر، وتوجهات للتصويت العقابى ضد الأحزاب ومرشحيها. 

فى المقابل؛ الإعادة هى النتيجة السائدة فى أغلب الدوائر الانتخابية، والحسم من الجولة الأولى كان محدودا لعدد قليل من المرشحين تقدمهم مرشحى المعارضة من الأحزاب والمستقلين. (مستقبل وطن 22 مقعدًا – المستقلون 6 مقاعد – حماة وطن 5 مقاعد – الجبهة الوطنية 4 مقاعد) المستقلون احتلوا الترتيب الثانى فى الفوز المبكر، ما يعكس تمددًا واضحًا خارج الحسابات الحزبية التقليدية داخل المرحلة الثانية. 

الأرقام السابقة تشير إلى حالة سيولة انتخابية تُبرز التنافس المحلى أكثر من الانضباط الحزبى، وتُظهر أن التأثير العائلى – القبلى – الخدماتى لا يزال عنصرًا حاسمًا فى نتائج الفردى. لكنها تظهر بوضوح أيضا مدى هشاشة النظام الحزبى المصرى، من بين أكثر من 100 حزب، انحصر التنافس الانتخابى ما بين 10 إلى 12 حزبا، ولولا القائمة الوطنية ما مثل بعض الأحزاب فى المجالس النيابية من الأساس ما يستدعى ضرورة إعادة النظر فى قانون الأحزاب السياسية، حان الوقت لقانون جديد للأحزاب السياسية فى إطار مراجعة شاملة للبنية القانونية للحياة السياسية المصرية، والتجربة الحزبية المصرية التى تعود إلى عام 1907 الأقدم على مستوى المنطقة، تستحق ما هو أفضل من قانون رقم 40 لسنة 1977.