بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي رحلة نضج وصناعة مستقبل



تأتي الدورة العاشرة من مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي برئاسة المخرج مازن الغرباوي، لتعلن بوضوح أن هذا الحدث لم يعد احتفالًا موسميًا، بل صار مؤسسة ثقافية ناضجة تشق طريقًا مستقيمًا نحو العالمية، فمنذ انطلاقه، حمل المهرجان طموحًا يتجاوز العروض المسرحية ليؤسس مساحة حقيقية لتبادل الخبرات وبناء الجسور بين شباب المسرح من الشرق والغرب، واليوم في نسخته العاشرة، تتجسد ملامح هذا الطموح في صورة أكثر نضجًا وتماسكًا وعمقًا.
منذ اللحظة الأولى، بدا واضحًا حجم الدعم الرسمي الذي تحظى به الدورة الحالية؛ إذ افتتح محافظ جنوب سيناء اللواء خالد مبارك الفعاليات مؤكدًا أن المهرجان "رافعة ثقافية وسياحية لشرم الشيخ وجنوب سيناء"، وأن المحافظة تنظر إليه بوصفه حدثًا قادرًا على وضع المدينة على خارطة المحافل الفنية العالمية، هذا الدعم لا يقتصر على الظهور البروتوكولي، بل يمتد إلى إيمان حقيقي بأثر المسرح في تعزيز الحوار الثقافي وصناعة هوية معاصرة للمدينة.
وتحمل الدورة اسم الفنانة الكبيرة إلهام شاهين، وهو اختيار يعكس احترام المهرجان لمسيرة ممتدة من التنوع والتجريب والجرأة الفنية، ومع اسم بحجمها، بدا طبيعيًا أن يشهد المهرجان حضورًا كثيفًا لرموز الفن المصري، من بينهم هالة صدقي، هالة سرحان، محمد رضوان، ميدو عادل، مفيد عاشور، وعدد كبير من المخرجين والكتّاب وصناع العروض، وفي مقدمتهم المخرج الكبير عصام السيد الذي يُعد حضوره شهادة جودة وتميّز لأي حدث مسرحي.
وعلى صعيد المشاركة الدولية، قدّم المهرجان هذا العام خطوة لافتة باحتفاء خاص بمسرح كوريا الجنوبية، الدولة التي جاءت إلى شرم الشيخ بأكثر من عرض مسرحي، وبحضور رسمي من السفير الكوري بالقاهرة، وقد وصف رئيس المهرجان مازن الغرباوي هذه المشاركة بأنها "فرصة لكشف التطور الهائل في مسرح شرق آسيا"، مؤكّدًا أن انفتاح المهرجان على التجارب الآسيوية لم يعد رفاهية، بل ضرورة لفهم اتجاهات المسرح العالمي المعاصر.
إلى جانب العروض، عزّزت إدارة المهرجان البعد المعرفي عبر سلسلة إصدارات أطلقتها دار حابي للنشر والتوزيع، بلغ عددها خمسة أعمال توثيقية ونقدية تتناول مسيرة المهرجان، وتجارب المخرجين الشباب، وملفات نقدية، وكتابًا أرشيفيًا عن عشر سنوات من العمل المسرحي، وهذه الإصدارات لا تأتي لتزيين الرفوف، بل لتأسيس ذاكرة مسرحية مكتوبة تحفظ التجارب وتفتح الطريق للباحثين والنقاد والمهتمين.
وتكتمل ملامح الدورة بالنشاطات الموازية: ورش عمل، ندوات نقدية، اجتماعات مهنية، وسوق مفتوح للمواهب الشابة، إضافة إلى مشاركة واسعة من المتطوعين الذين يسهمون في صناعة دورة أكثر إحكامًا من حيث التنظيم والاتصال والإدارة.
إنّ ما شهدته شرم الشيخ هذا العام ليس مجرد احتفال بالعروض، بل احتفال بفكرة الاستمرار، بفكرة أن المسرح قادر على أن يبقى مساحة للضوء، وأن يخلق لنفسه مكانًا في مدينة وُجدت لتكون ملتقى للثقافات، ومع هذه الدورة يبرهن المهرجان أن عشر سنوات ليست مجرد رقم، بل شهادة على قدرة فريقه وإدارته وصنّاعه على تحويل الحلم إلى مؤسسة، والمؤسسة إلى مشروع متجدد لا يتوقف عن النمو.