نظره امل
نحن نصنع ما يكتفى الآخرون بالحلم به
منذ ستينيات القرن الماضى ومصر تحمل فى وجدانها حلم الطاقة النووية السلمية، حلماً قاوم الزمن والتعطيل والظروف السياسية، وتمسكت به الدولة رغم الانقطاعات والتحديات، حتى جاء اليوم الذى يتحول فيه الحلم إلى حقيقة تفرض حضورها على الأرض لا على الأوراق.
لم يكن المشهد الذى جمع الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس فلاديمير بوتين مجرد احتفالية، بل كان إعلاناً واضحاً بأن مصر دخلت رسمياً مرحلة تحقيق الحلم النووى، وأن مشروع الضبعة لم يعد مجرد خطط أو خرائط أو تأهيل مواقع، بل أصبح واقعاً يتقدم بخطوات ثابتة نحو مرحلة التشغيل.
رفع وعاء ضغط المفاعل النووى وهو القلب الصلب للمحطة يعنى أن المشروع تجاوز كل مراحل التأسيس الأولى، وأنه يقف اليوم على أعتاب تشغيل فعلى سيغير معادلة الطاقة فى مصر لعقود قادمة، إنها لحظة تختزل سنوات طويلة من العمل ومئات الاجتماعات، وآلاف الساعات التى بذلها المهندسون والفنيون والخبراء لبناء صرح استراتيجى لا يقل أهمية عن قناة السويس الجديدة أو الأنفاق أو مشروعات البنية التحتية الكبرى.
مشروع الضبعة ليس مجرد محطة كهرباء بل هو بوابة مصر للانضمام إلى نادى الدول المالكة للطاقة النووية السلمية، وهو أكبر خطوة تتخذها الدولة نحو تنويع مصادر الطاقة والوصول إلى إنتاج نظيف ومستقر لا يخضع لمساومات أسواق النفط والغاز.
الطاقة النووية ليست كماليات، بل ضرورة لدولة تتوسع فى مشروعاتها القومية وتبنى مدناً جديدة، وتعتمد على الصناعة كثروة قومية جديدة، ومع الزيادة السكانية والتحديات الاقتصادية العالمية يصبح الاعتماد على مصادر ثابتة وآمنة من الطاقة أمراً مصيرياً، وهو ما يقدمه المشروع النووى بكفاءة وقدرة على الإنتاج المستمر.
ولأن المستقبل لا يصنع فقط بالمنشآت بل بالعقول، فقد حرصت الدولة على أن يكون مشروع الضبعة مشروع أجيال، فالتعاقدات الحالية تشمل تدريب آلاف المهندسين والفنيين المصريين ونقل الخبرات إليهم بشكل مباشر، بما يضمن أن تصبح إدارة وتشغيل المحطة صناعة وطنية خالصة خلال سنوات قليلة.
هكذا تمضى مصر فى طريقها لا تلتفت لضجيج المشككين، دولة تعرف ما تريد وتتحرك بثبات وحكمة وتعلن كل يوم أنها أكبر من الحملات العابرة، وأقوى من أصوات تحاول أن تطفئ نوراً اشتعل بإرادة شعب لا يعرف الانكسار، ستبقى مصر كبيرة عصية على الكسر مرفوعة الرأس رغم أنف كل متآمر حقود ومهما طال الطريق فلا بد له من نهاية تليق بدولة بحجم مصر...
حفظ الله مصر جيشاً وشعباً وقيادة