بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

فى الحومة

التعليم والديمقراطية

هنالك حديث دائم وجدلى عن أيهما أولا البيضة أم الفرخة، ويستمر هذا التساؤل الجدلى فى البحث عن علاقة التعليم بالديمقراطية، حيث يؤثر كل منهما فى الآخر وهناك رابط قوى بينهما فلا تعليم بدون ديمقراطية ولا ديمقراطية بلا تعليم فهى علاقة تبادلية، فالتعليم الجيد والمنفتح هو الأرضية الخصبة التى تنمو فيها الديمقراطية، والنظام الديمقراطى يتطلب مرتكزات أساسية كاحترام حقوق الإنسان وحرية الرأى والتعبير والتسامح وقبول الآخر والتعددية، وغرس تلك القيم تتطلب وعيا مجتمعيا وهذا لا يكون إلا بالتعليم المستنير الذى يجعل المجتمع أقل عرضة للنزاعات ويعزز الاستقرار، كما أن التعليم الجيد المتاح للجميع يرسخ للعدالة وديمقراطية الحكم، ولا شك أن الديمقراطية هى التى تضمن استمرارية وتطور التعليم فهى التى تعزز حرية البحث العلمى وترفع مخصصاته وتقلل من التدخل الحكومى فى المناهج، ولما كانت الديمقراطية هى حكم الشعب وهو النظام السياسى الذى يقوم على مبدأ مشاركة عموم الناس فى صنع القرارات التى تؤثر على حياتهم بشكل مباشر أو عن طريق ممثليهم، وهذا النظام يرتكز إلى مبادئ أساسية، فالشعب مصدر السلطات، وشرعية الحكم تأتى من رضا المحكومين وجميع المواطنين متساوون أمام القانون وفى حقهم فى التصويت والترشح للمناصب العامة وفق انتخابات حرة ونزيهة للتعبير عن إرادة الشعب واختيار ممثليه وتكون على أساس الاقتراع العام والسرى مع احترام حرية الرأى والتعبير مع ضمان الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، ولضمان العدالة يطبق مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء، وتبقى التعددية الحزبية فى وجود أحزاب مستقلة تسعى لتداول السلطة مسألة مهمة فى تطور المسار الديمقراطى، وفى الحقيقة فإن الديمقراطية ليست مجرد نظام حكم بل إطار لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية ولا يمكن لأى مجموعة أو طبقة أن تقرر نيابة عن الآخرين من المؤهل للحكم، فالحكم للشعب وهو مصدر السلطات، ولهذا فإن ما يروج لمفهوم أن الشعب غير مؤهل للديمقراطية عبارة تحمل مغالطة مقصودة لإقصاء الشعب عن ممارسة دوره ومسئوليته فى صنع القرارات وإرساء أسس الحكم، فمن الذى يملك الوصاية على الشعب وسلب حقه وسلطاته بمقولة عفى عليها الزمن ويرددها دعاة الاستبداد والعبودية والرق، فالديمقراطية وبحق تعالج مشاكلها إن وجدت كما قال ونستون تشرشل، أى مشاكل تنتج عن التطبيق الديمقراطى يجب معالجتها بالمزيد من الديمقراطية فهى ثقافة لتبادل الآراء والاحترام وإن كانت تحتاج إلى مواطن واع ومستقل وعلى قدر كاف من المعرفة لاتخاذ قرارات حرة ومسئولة، وما من شك أن القول بأن بعض الشعوب لا تستحق الديمقراطية هى ذريعة يروج لها المستبدون لتبرير استمرارهم فى الحكم وأن الشعوب قادرة على تطبيق الديمقراطية وتحمل مسؤولياتها وكيفية تكييف مبادئها مع الظروف الثقافية والاجتماعية المحلية ومراعاة استقلالية المجتمعات والدول لا يتعارض مع الديمقراطية التى باتت حق أصيل لكافة المجتمعات والدول، وما ظهر لنا اليوم فى مشهد الانتخابات البرلمانية المصرية من تفشى ظاهرة المال السياسى الذى يمثل عدوان على الإرادة الحرة للناخبين وتعد سافر على المسار الديمقراطى يتطلب وقفة جادة من كافة الجهات المعنية لإعادة النظر فى كافة المسائل التى أدت إلى هذه الحالة التى لم نرى لها مثيل من قبل ولاقت رفضا شعبيا كبيرا يدل دلالة واضحة أن هذا المجلس لم يحظى بالرضا الشعبى المطلوب لاستمراره ومن ثم فيجب إعادة النظر فى قانون الانتخابات وتعديل الدوائر الانتخابية وعودة الإشراف القضائى على كافة مراحل العملية الانتخابية، فمصر تستحق مجلسا نيابيا حقيقيا يعبر عن المجتمع وأن يختاره بحرية وشفافية ومساواة بين المرشحين بدوائر ضيقة حتى نقضى على المال السياسى وقوائم نسبية وفى النهاية مصر تستحق جناحى النهضة تعليم وديمقراطية.