مدينة الإعلام الجديدة والقطاع الخاص
فى كل يوم تولد فى بلادنا إنجازات جديدة تؤكد قوة الاستقرار ورسوخ الأمن وتحسن الأحوال، وتبشر بإيمان الدولة المصرية بديمومة التنمية، واستمرارية عملية البناء.
فمنذ أيام قليلة أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى عن اعتزام الدولة إنشاء مدينة إعلام متكاملة جديدة فى مصر خلال السنوات الثلاث المقبلة. وأوضح الرئيس أن البنية الإنشائية لهذا المشروع العظيم أصبحت جاهزة بالفعل، ويتبقى تطوير الكوادر البشرية اللازمة لإدارة وتفعيل المشروع.
ووفقا للمعلن، فإن هذه المدينة ستقام فى محيط منطقة الأهرامات وبالقرب من المتحف المصرى الكبير، وستضم استوديوهات ونماذج لتصوير الأفلام والأحداث العالمية، وستكون على غرار أشهر المدن السينمائية فى أمريكا وأوروبا والدول المتقدمة.
ولا شك أن هذا المشروع، مثله مثل كل المشروعات العملاقة التى تم إنجازها خلال السنوات الماضية يحمل آثارًا إيجابية عظيمة على الاقتصاد ككل، وعلى العمران والتنمية بشكل خاص. ومثلما خرج المتحف المصرى الكبير إلى النور مبهرًا وعظيمًا بعد تخطيط متقن وعمل جماعى دءوب، فإننا نأمل أن يرى هذا المشروع العالمى النور فى وقت قياسى، تأكيدًا على تفرد مصر الحضارى، وقوة تأثيراتها الثقافية والفنية والإعلامية.
ومن الواضح أن اختيار منطقة الأهرامات كمحيط مفترض للمدينة الجديدة يُتيح لصناع السينما والفن العالميين إطلالات مبهرة وفريدة على أهم معالم الحضارة والتاريخ فى العالم. ومن هنا فإنها يمكن أن تلعب دورًا عظيمًا فى جذب أعداد كبيرة من السياح إلى مصر من كل بلدان العالم. كما يمكن فى الوقت نفسه أن تفتح بابًا للترويج لمصر كمركز استثمارى عالمى.
وفى رأيى، فإن مثل هذا المشروع يُمكن طرحه كنقطة بداية لمشروعات عديدة خدمية فى مجالات السينما والفنون والإعلام ليتم تقديمها كقصص نجاح عظيمة فى مجالات استثمار غير تقليدية، بشرط أن يعتمد بشكل رئيسى على القطاع الخاص تنفيذًا وتشغيلًا وإدارة، فكما قلنا مرارًا فإن أفضل ترويج للاستثمار فى بلد ما هو قصة نجاح مبهرة لمشروع خاص.
وإذا كان البعض قد تعجل، كالعادة، بانتقاد المشروع بسبب ضخامة التكاليف المتوقعة له، وتخوفًا من أن يؤدى إلى زيادة الديون الخارجية ويزيد من الأعباء على الخزانة العامة، فإن دخول القطاع الخاص كشريك أساسى يتحمل إنشاء وتجهيز المشروع وتجهيزه مقابل الاستفادة منه هو السبيل الأفضل.
إن القطاع الخاص لديه المرونة الطبيعية اللازمة لتنفيذ مثل هذا المشروع، ويمتلك الإمكانات التخطيطية والتنفيذية المفترضة، فى الوقت ذاته، فإن هناك رءوس أموال كبيرة تبحث عن فرص عظيمة للاستثمار فى مشروعات جيدة.
وكما كتبت فى الأسبوع الماضى، فإن توليد فرص العمل هى الفريضة الغائبة لدى حكومتنا الرشيدة. وهى قادرة على هذا العمل ليس من خلال التوظيف الحكومى التقليدى المباشر، وإنما من خلال إتاحة المجال تماما للقطاع الخاص، ومنحه الفرصة للاضطلاع بمسئولياته فى مسيرة التنمية بالتشغيل فى مشروعات جديدة.
وسلامٌ على الأمة المصرية.