بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

قضية ورأى

100 عام من الانتخابات

هل نتقدم للأمام؟ أم نعود إلى الخلف؟

فى عشرينيات القرن الماضى، كانت نسبة الأمية 80% من الشعب، بينما ارتبطت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المزرية بانتشار الفقر، مع استمرار التعليم الإلزامى للمرحلة الأولى الابتدائية.

الآن، نسبة الأمية أقل من 15%، وحملة الدكتوراة والماجستير والدبلومة الذين يتخرجون سنويا يتجاوز 100 ألف شخص.

كما أنه لا وجه للمقارنة بين فقر عشرينيات القرن الماضى وبين الضغوط الاقتصادية فى عشرينيات القرن الحالى.

.. ومع ذلك يدعى البعض أن الشعب المصرى غير مؤهل للديمقراطية؟ كيف؟

كيف كان لدى الشعب المصرى وعى سياسى قبل 100 عام رغم الأمية والفقر والاحتلال، بينما نحن حاليا نتهم بغياب الوعى السياسى، ليطالب بعضنا السلطة بالحجر على الشعب؟

وبينما تجرى انتخابات مجلس النواب حاليا، وسط ضجيج المال وشراء الأصوات، كانت هناك تجربة ناضجة من السلطة والناخبين،وهى انتخابات 1923 ـ 1924 التى تجعلنا نفكر مليا فى كيف يسقط الوعى أو كيف يتم إسقاطه؟

ففى الانتخابات البعيدة، وهى أول انتخابات بعد استقلال مصر ودستور 1923 كان يحيى إبراهيم باشا رئيسا للوزراء، بكل ما للرجل من ثقل سياسى وتنفيذى وقضائى.

كان الباشا وكيلا لكلية الحقوق ثم عين رئيسا لمحكمة بنى سويف، ورُقى إلى رئيس محكمة الاستئناف ولُقب بـ «شيخ القضاة» لحنكته القانونية.

وتولى يحيى إبراهيم باشا رئاسة وزراء مصر للمرة الأولى فى الفترة من 15 مارس 1923 إلى 27 يناير 1924. وتولى أيضًا وزارة الداخلية، كما تولى وزارة العدل بالنيابة.. أى أنه جمع 3 مناصب فى وقت واحد هى مناصب رئيس الوزراء ووزير الداخلية ووزير العدل.

وعندما حل موعد انتخابات 1923 ـ 1924، دخل يحيى باشا المنافسة فى دائرة منيا القمح، ومعه المناصب الثلاث التى تعنى أنه المسؤول الأول عن الانتخابات.

لم يكن خصمه فى الدائرة «باشا» أوحتى «بك».. بل كان أفنديا من حزب الوفد، هو أحمد مرعى، والد السياسى الكبير فيما بعد سيد مرعى.

كانت أملاك الباشا شاسعة فى منيا القمح، وكان نفوذه السياسى يأتى بعد الملك فؤاد مباشرة، وكان نفوذه الاجتماعى عميقا عمق لقب «شيخ القضاة» الذى ارتبط به.

ومع ذلك سقط الباشا فى الانتخابات ونجح أحمد أفندى مرعى، ليس لأن الناخبين كان لديهم وعى وطن فقط، بل لأن السلطة وقتها الممثلة فى يحيى إبراهيم كانت لديها إرادة إجراء انتخابات نزيهة وتقبل تداول السلطة.

ويبدو أن حس القاضى وشرفه، كانا هما المهيمنين على شخصية إبراهيم باشا..

فالرجل لم يحشد رجال الإدارة المحلية من عمد ومشايخ ومديريات للتصويت من أجله.

وهو أيضا لم يحشد رجال الشرطة والأمن السياسى، للتنكيل بخصمه وتبديل صناديق الاقتراع والقاءها فى الترع، باعتباره وزيرا للداخلية.

كما أنه لم يتحصن خلف القضاء، وآثر أن يقال «سقط قاض فى الانتخابات« على أن يقال «سقط القضاء».

النموذج الثانى هو ويصا واصف باشا (1873 – 1931) وهو من الشخصيات القبطية البارزة فى حزب الوفد، عندما خاض الانتخابات البرلمانية وفاز كنائب عن دائرة المطرية بالمنزلة بالدقهلية، رغم أن عدد المسيحيين فى الدائرة قليل جدا.

ووصل ويصا واصف، لرئاسة البرلمان عام 1928، فى سابقة عكست مبدأ الوحدة الوطنية، وتأكيدًا على أن الكفاءة والولاء للوطن هما المعيار الأهم للتمثيل البرلمانى.

الآن وبعد 100 عام، لاتزال الانتخابات البرلمانية هى نموذج صارخ لعدم الشفافية.

ويبقى الأمل فى أن يصادف وعى جماهيرى، إرادة السلطة فى التغيير للأفضل، لأن مصر تستحق الأفضل.