التربية ثم التعليم
قضية ما حدث فى إحدى المدارس الدولية من انتهاك جسدى ونفسى لبراءة أطفال صغار فى سن الزهور الصغيرة المتفتحة للحياة، تحت مرأى ومسمع إدارة مدرسية خاملة مهملة قد ينبئ بعدة قضايا هامة وخطيرة تهدد أمن وسلامة المجتمع.
أولًا: قد تكون هذه عصابة تم توظيفها للقيام بأعمال فاضحة ومثيرة ليتم نشرها من قبل عصابات خارجية تتحكم فى الديب ويب أو الإنترنت الأسود الخفى، حيث يدفعون مبالغ مالية لهؤلاء الذين يرتكبون مثل هذه الجرائم الجنسية، بل وهناك روايات مصرية كتبت حديثا عن هذه الغرف المظلمة وتلك الشبكات العنكبوتية فى شكل روايات غموض وإثارة رواية مثل فنجان قهوة مع جثة وللأسف دائمًا ما ينتصر المجرم وتنتهى حياة الضحايا..إذًا قد يكون ذلك تشكيل عصابى إجرامى منظم يرتكب تلك الأفعال والجرائم نظير أموال مما يستوجب تدخل أكثر شدة ورقابية من قبل الجهات الأمنية والرقابية والقضائية فيما يخص مباحث الإنترنت وتكثيف الأقسام المتخصصة فى هذه النوعية الجديدة والمخيفة من الجرائم الإلكترونية والتى تهاجم المجتمع بأساليب حديثة وجديدة.
ثانيًا: إدارة المدرسة المغيبة من أساتذة وإداريين ومشرفين لا يتابعون الصغار ولا تحركاتهم ولا يعرفون أماكن مغلقة أو مظلمة لا تغطيها كاميرات المراقبة والتى أعتقد أنها لا تعمل ولا تسجل ولا تغطى كل مساحات المدرسة.
أما الإدارة التى تعين وتوظف أناسًا سوابق بلا كشف طبى عن المخدرات ولا مراقبة دقيقة للسلوك ولا متابعة من قبل أفراد أمن، أضف إلى ذلك تدنى المرتبات، وبالتالى فإن تلك المدارس توظف من يقبل بأقل القليل ولا يهم أى معايير مهنية والنتيجة واحدة وهى ذلك الشرخ الطبقى الذى يتسع حتى يسقط فيه المجتمع وتتعدد الجرائم وأنواعها وأشكالها طالما غابت العدالة الاجتماعية والرقابة والإدارة والمعايير المهنية.
ثالثًا: دور المعلم الذى هو حجر الزاوية وعمود الخيمة فى البنيان والعملية التعليمية والتربوية فالمدارس الحكومية لا تعين وتستعين بمدرسين من أى مكان دون تأهيل مهنى أو تربوى وذلك نظير مبالغ زهيدة وجنيهات بسيطة لا تكفى المواصلات والافطار والملابس اللائقة ما بالك بالحياة الكريمة الأمنة.. على الجانب الآخر المدرس القديم المعين قد يلجأ مرغمًا إلى الدروس والمجموعات ليكفى حياته ويقيم أود بيته ويلبى احتياجاته طالما المدرسة والمنظومة التعليمية لا تكفيه معيشيًا وتضعه فى أسفل السلم الوظيفى، أما المدرس الجديد الذى يعمل بنظام القطعة أو العقد فإنه يعتبر هذه الوظيفة وسيلة إلى غاية أخرى إلا وهى كيف يعيش دون أن يمد يده فيجد نفسه فى مدارس تسمى أجنبية أو دولية وأطفالًا وتلاميذ يدفعون مئات الألوف بينما هو يتقاضى بضعة مئات أو آلاف لا تتخطى أصابع اليد الواحدة فى أفضل المدارس الخاصة.. شرخ طبقى ونفسى واجتماعى يحول مهنة المعلم إلى موظف يتعامل مع التلاميذ بمنطق العملاء فى شركة تجارية لا يبنى بينه وبينهم أى جسور من الإنسانية والموده والتربية ولا يقوم إلا بتدريس المواد وإجراء الامتحانات أو متابعة الحصة والفصل وما أن يدق الجرس فهم ليسوا مسئوليته ولا علاقة له بهم وهذا ما حدث مع هؤلاء الأطفال الذين لم يلحظ أى مدرس أو مدرسة غيابهم أو تغيبهم عن فناء المدرسة أو تغيير سلوكهم فى الفصل أو ما يعتريهم من خوف وذعر وهلع جراء ما حدث لهم فلم يقوم هؤلاء المدرسون والمدرسات بدورهم الرئيسى كبديل للأسرة والأم والأب من تربية ورعاية واحتواء ورقابة واهتمام.. يظل المعلم والمدرس هو الأساس فى أى عملية تعليمية خاصة مرحلة الطفولة.. قبل البحث عن الجريمة وأسبابها وعقابها علينا دراسة الحالة الاجتماعية للتعليم والمجتمع والتكنولوجيا وللقوانين وللإدارة.. القضية كبيرة والجرم لن يندمل والنزيف لن يتوقف.