بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

أستاذ بالأزهر: الفتوى في دار الإفتاء مؤسسية تعتمد على المشورة والتخصص

الإفتاء
الإفتاء

أكد الدكتور أحمد الرخ، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، إن من أبرز ما يميز دار الإفتاء المصرية أنها تعتمد على الفتوى المؤسسية، أي الفتوى التي تقوم على المشورة الجماعية بين جميع المعنيين بها، من فضيلة المفتي إلى أمناء الفتوى، بحيث تخرج الفتوى باسم المؤسسة وليس باسم فرد محدد.

وأكد الرخ خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأحد، أن هذا النهج يعطي الفتوى ثقلًا وقوة، ويجعلها موثوقة لدى الداخل والخارج.

وأشار  إلى أن دار الإفتاء المصرية، رغم كونها مؤسسة وطنية، تعد محط أنظار الدول الأخرى، حيث كانت ترسل مراسلات من دول عديدة لدار الإفتاء لطلب الحكم الشرعي في مسائل متنوعة، وهو ما يعكس الثقة الكبيرة في المؤسسة نفسها، ويؤكد أهمية الفتوى المؤسسية مقارنة بالفتوى الفردية التي قد تتناقض مع فتاوى أخرى.

وأوضح أن الفتوى المؤسسية تعتمد على المشورة والاجتماع بين أهل التخصص، بحيث يتم تبادل الأفكار ومناقشتها قبل إصدار الحكم، سواء كانت الفتوى متعلقة بالمسائل الطبية أو السياسية أو الاقتصادية، مما يجعلها دقيقة ومتوازنة. وأكد أن هذا ما جاء في قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، أي أهل الاختصاص في كل مجال.

وأضاف أن هذا النهج المؤسسي للفتوى ليس جديدًا، بل يمتد تاريخه إلى عهد الصحابة والتابعين، حيث كانت الفتوى تعتمد على أهل العلم الموثوقين فقط، كما أشار الخطيب البغدادي في كتابه “الفقيه المتفقه”، حين ذكر أن عطاء بن أبي رباح كان لا يُقبل فتواه إلا من عنده، لضمان الدقة والعلمية في الأحكام.

ولفت إلى أن الخلفاء في الدولة الأموية والعباسية كانوا يعينون مفتين محددين لإصدار الفتوى، لضمان انسجام الأحكام مع الشريعة، وتجنب الأخطاء التي قد تقع نتيجة الفتاوى الفردية غير المستندة إلى مشورة أهل الاختصاص.

وأكد الدكتور الرخ أن الفتوى المؤسسية ضرورية خاصة في المسائل الحساسة، مثل مناسك الحج، حيث الزحام الشديد وخطر وقوع الحوادث، فالتيسير والتشديد يحتاجان إلى علم وخبرة دقيقة، فالفتوى ليست مجرد رأي، بل صناعة دقيقة لا يجيدها إلا أهلها.

وأوضح أن الفتوى المؤسسية تجمع بين الرخصة والتشديد بحسب الحاجة، بحيث توازن بين متطلبات الشريعة والواقع العملي، وهو ما يجعلها مناسبة ومرجعية، وتقلل من الخلافات أو المخاطر المحتملة في تطبيق الأحكام الشرعية.

وأشار إلى أن هذه المنهجية تجعل الفتوى أداة لتسهيل حياة الناس، وليس للتشدد أو التضييق، بما يتوافق مع روح الشريعة وأهدافها، ويعزز الثقة في دار الإفتاء كمؤسسة مستقلة وموثوقة.

وأكد الدكتور الرخ أن الالتزام بالفتوى المؤسسية يحقق أيضًا العدالة والموضوعية، ويمنع الانحياز أو التضارب الشخصي، ويجعل كل فتاوى دار الإفتاء مرجعية متينة يعتمد عليها الأفراد والدول في شؤونهم الدينية والعملية.

وشدد على أن الفتوى المؤسسية تمثل استمرارية تاريخية عريقة منذ عهد الصحابة، وتطورها عبر القرون يعكس مدى حرص العلماء على توثيق العلم الشرعي وحماية المجتمع من الأخطاء، مؤكداً أن الفتوى صناعة دقيقة تتطلب خبرة ومعرفة، ولا يمكن لأي شخص إصدارها دون الرجوع إلى أهل العلم والتخصص.