خطوة حاسمة لترسيخ الجمهورية الجديدة
تشهد مصر لحظة سياسية فارقة تفرض ضرورة إعادة الانتخابات وفتح باب الترشح من جديد للمرحلتين ما زال لدينا الوقت لتدارك الموقف.
فمن الضرورى إعادة تقييم وتحديث عدد من الأسس الدستورية والانتخابية، بما يتماشى مع تطورات العصر ويعزز استقرار الدولة وترسيخ دعائم الجمهورية الجديدة. فالدستور الحالى أدّى دوره فى مرحلة انتقالية شديدة الحساسية، وأصبح اليوم مع اكتمال مؤسسات الدولة وتزايد الاستقرار فى حاجة إلى مراجعة متأنية تُنفذ عبر لجنة وطنية رفيعة المستوى تضم كبار أساتذة القانون الدستورى والدولى والمدنى والجنائى، ونقابة المحامين، وخبراء الاقتصاد والقانون البحرى، ورؤساء اللجان التشريعية السابقين، إضافة إلى فقهاء القانون وممثلين حقيقيين عن الشعب. الهدف هو صياغة تعديلات رصينة ومتكاملة تعزز كفاءة النظام السياسى وتخدم مستقبل الدولة المصرية.
أولاً: إصلاح النظام الانتخابى واستعادة مبدأ تكافؤ الفرص
يمثل مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين جوهر العملية الديمقراطية وركيزة الشرعية السياسية. إلا أن النظام الحالى القائم على الكوتة والقائمة المطلقة بات مناقضاً لهذا المبدأ، بعدما أصبح يميز فئات محددة ويحجب فرص الكفاءات المستقلة والخبرات الوطنية الحقيقية.
ظهرت الكوتة كإجراء ظرفى عقب أحداث يناير، لكنها تحولت إلى واقع دائم يتعارض مع المادة (9) من الدستور التى تلزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص دون تمييز، ومع المادة (65) التى تكفل حرية الفكر والرأى وتدعم التعددية السياسية، وليس حصرها داخل قوائم مطلقة مغلقة.
ولهذا، يصبح إلغاء الكوتة والقائمة المطلقة والعودة إلى نظام انتخابى فردى كامل ضرورة وطنية لإعادة الاعتبار للجدارة، وتعزيز المنافسة العادلة، وتوسيع قاعدة التمثيل البرلمانى الحقيقى.
وفى إطار الإصلاح، يجب أن تتضمن التعديلات الدستورية اشتراط الحصول على شهادة جامعية وبلوغ سن 35 عاماً يوم الترشح، لضمان حد أدنى من الوعى السياسى والخبرة الحياتية اللازمة لعضوية مؤسسة تشريعية ورقابية كبرى. كما يُمنح رئيس الجمهورية حق تعيين 10% من أعضاء البرلمان بدلاً من 5% دون التقيد بنسب أو فئات، بما يتيح ضم أصحاب الخبرات النوعية التى يصعب وصولها عبر الانتخاب.
فالإصلاح الانتخابى ليس مجرد تعديل قانونى، بل خطوة جوهرية لإحياء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وبناء برلمان حديث يعبر بصدق عن الإرادة الشعبية ويضم عقولاً قادرة على صناعة السياسات.
ثانياً: تعديل دستورى يسمح للرئيس عبدالفتاح السيسى باستكمال مشروع الدولة، إلى جانب إصلاح النظام الانتخابى، يبرز استحقاق دستورى مهم يتطلب النظر فى تعديل يسمح للرئيس عبدالفتاح السيسى بالترشح لفترة رئاسية جديدة بعد انتهاء ولايته الحالية، استناداً إلى حجم التحديات الإقليمية والداخلية غير المسبوقة، وإلى ما تحقق فعلياً من إنجازات تنموية وأمنية واستراتيجية. فالرئيس السيسى قاد أكبر عملية تطوير للبنية الأساسية فى تاريخ مصر: شبكات طرق، كهرباء، طاقة، إسكان، موانئ، زراعة وصناعة، إلى جانب تعزيز قدرات القوات المسلحة وتحديث منظومة التسليح، وبناء شبكة علاقات دولية متوازنة أعادت لمصر نفوذها الإقليمى وهيبتها الدولية.
إن استكمال هذه المشروعات الكبرى، وضمان استقرار الدولة فى ظل محيط إقليمى شديد الاضطراب، يجعل من التعديل الدستورى خطوة تتسق مع متطلبات الأمن القومى ومصلحة الشعب.
الوضع السياسى الراهن وضرورة إعادة ترتيب المشهد.
تشهد المنطقة من حولنا اضطرابات متلاحقة وتحديات استراتيجية تتطلب نظاماً سياسياً مستقراً، وبرلماناً قوياً، ورئاسة قادرة على استكمال مسار الدولة. ومن هنا تأتى أهمية هذه التعديلات الدستورية بوصفها خطوة لترسيخ الجمهورية الجديدة، وتعزيز القدرة على مواجهة التحديات، وحماية الإنجازات، وصنع مستقبل أكثر استقراراً ونضجاً للدولة المصرية.