فى ضيافة بيت الشعر
أتوجه إلى الأقصر فى الخميس القادم السابع والعشرين من نوفمبر لحضور افتتاح مهرجان الأقصر للشعر العربى الذى يقيمه بيت الشعر بالأقصر ووزارة الثقافة فلهم كل الشكر والتقدير على دعوتى واختيارى شخصية العام الثقافية، وكم أعشق الأقصر؛ لماذا الأقصر؟ بينى والأقصر علاقة حب وعشق، إنها طيبة التى قاوم أحمسُها إرهابَ الماضى، طيبة ذات الأبواب المائة، إنها أبواب العلم والأولياء، أبواب التوحيد والكبرياء،
فهنا نبع التوحيد فى قُدس الأقداس، ونشأ سيدنا إدريس عليه السلام فى أرضها، وحكَم توت عنخ آمون الدنيا من حاضرتها ووقف الخلق ينظرون جميعا كيف بنت معابد الوحدانية وحدها، وكيف انحنى العالم إجلالاً لخبيئتها،وكيف اختارها الملك تحتمس الأول عاصمة مُلكه الدنيوى وبوابة خلوده الأخروى، وهنا تقلدت فتاة الأقصر الأولى حتشبسوت مقاليد عرش مصر، وهنا ترقد فى جلال الموت جميلة جميلات الدنيا نفرتارى؛ قبورها مُدهشة، ومعابدها معجزة، وكيف تجوّل المؤرخ الإغريقى هوميروس فانبهر واصفا جمالها «المدينة ذات المائة باب» ودُهش العرب بمبانيها الشاهقة ومعابدها الخالدة فأسموها «الأقصر»، هذه المدينة التى ملأَ التوحيد أرضها فصار قلبُها قابلا كل صورةٍ، فطريق الكباش جمعٌ بين الأسود والبشر والحجر، وأعمدة معابدها عجين حجرى يرسم زهرة اللوتس وقرص الشمس محتضنا كنيسة، وعلى رؤوس معبدها يرقد سيدى أبى الحجاج بمئذنته ذات الأعوام الثمانمائة، هنا مدينة الشمس الجنوبية التى احتضن نيلها معابد الحياة شرقاً ومعابد الخلود غرباً؛ هنا مدينة الصولجان تسير فى طريق الكباش فتلمع أسطرٌ يعيا بحل رموزها الأقوام، طيبة التسامح تقف فى وجه التعصب، فهى طيبة الكرنك والقديسين، طيبة الشيخ الطيب وأبى الحجاج وممنون ويحيى الطاهر وبهاء طاهر وأحمد شمس الدين الحجاجى وحشمت يوسف ومأمون الحجاجى ومحمد عبدالمولى وحسين القباحى وأدهم العبودى ومحمد ابراهيم حسان والحسانى عبدالله، فهنا وقف التاريخ لحضارتها منشدا، وهنا بنى المصرى للحضارة معبدا، هاهى طيبة التاريخ والمستقبل، لا يعيش أدباؤها فى الأبراج العالية لكنهم ينقلون ما يرون وما يحسون به؛ ألم يقل ابن رشيق «سُمى الشاعر شاعراً لأنه يشعر بما لا يشعر به غيره»؛ أود أن أرى «المنادر» التى لا تفتح إلا فى واجبات العزاء تفتح للشعراء والمفكرين والأدباء، أن يعود المسرح المدرسى وطنا للفنون والتعلم، أود أن أرى المكتبات فى قرى مصر ونجوعها تنشر العلم،أود أن أشاهد جامعات الصعيد السبع وقد غدون سبعا سمانا بالعقل وتغيير المجتمع، ننتظر من جامعة الأقصر أن تصبح واحة المعرفة والتقدم فى صعيد مصر، أن أرى الفنون والمراكز الثقافية قد فتحت فروعا لها بالدلتا والصعيد،
عن نحن ندعو للتنوير الذى يدعو فى أبسط صوره إلى إعمال العقل، فمصر اليوم فى حاجة إلى عقل ثقافى يقود المواجهة ولا يتخلف عن الركب،ليعود المثقَّفُ المثقِّفَ.
أود من المهندس عبدالمطلب ممدوح عمارة محافظ الأقصر أن يعيد للأقصر بهاءها وأن يدرس أبناؤها تاريخها ليكونوا كأجدادهم بناة حضارة.وشكرى العميق لسمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمى حاكم الشارقة ومنشئ بيت الشعر والشكر لوزارة الثقافة ممثلة فى وزيرها الفنان أحمد فؤاد هنو ولدائرة الثقافة بالشارقة وللمهندس عبد المطلب ممدوح عمارة محافظ الأقصر وللشاعر حسين القباحى مدير بيت الشعر بالأقصر وأسرة البيت وشكرا للمحبين الذين أرسلوا إلى تهنئتهم الرقيقة فمرحى بالشعراء والنقاد فى أرض طيبة.
مختتم الكلام
الصباح يدق على الباب، ولا باب هنا.
[email protected]