بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

فيريزون تستغني عن 15 ألف موظف وسط معركة البقاء في سوق الاتصالات

بوابة الوفد الإلكترونية

تستعد شركة فيريزون لدخول واحدة من أكثر المراحل حساسية في تاريخها، بعد أن كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن خطط الشركة لخفض ما يقرب من 15 ألف وظيفة خلال الأسبوع المقبل. وهو رقم غير مسبوق بالنسبة لعملاق الاتصالات الأمريكي، ويعكس حجم الضغوط التي تواجهها الشركة في سوق يشهد منافسة شرسة على خدمات الاتصالات اللاسلكية والإنترنت المنزلي.

وبحسب مصادر الصحيفة، فإن فيريزون تتجه إلى هذه الخطوة بهدف خفض النفقات التشغيلية، في وقت تحاول فيه الشركات المنافسة اجتذاب العملاء بعروض وأسعار مرنة، بينما تواجه شركات الاتصالات التقليدية ضغوطًا متزايدة نتيجة التحول نحو حلول رقمية منخفضة التكلفة.

ورغم القسوة المتوقعة لهذا القرار وتأثيره المباشر على حياة آلاف الموظفين، إلا أن إدارة فيريزون ترى أن هذه الخطوة أصبحت ضرورة لا مفر منها، في ظل ما وصفته بأنه "لحظة حرجة" في مسار الشركة. ويبدو أن فيريزون تسعى لإعادة ضبط هيكلها التنظيمي وتحسين كفاءتها التشغيلية، بهدف البقاء في دائرة المنافسة على المدى الطويل.

وكانت الشركة قد لفتت الأنظار الشهر الماضي عند إعلان نتائجها المالية للربع الثالث من العام. فعلى الرغم من تحقيقها أرقامًا مالية إيجابية في معظم المؤشرات، بما في ذلك صافي دخل بلغ 5.1 مليار دولار ونموًا ملحوظًا مقارنة بالعام الماضي، فإن التقرير المالي حمل أيضًا إشارات مقلقة. فقد خسرت فيريزون حوالي 7 آلاف مشترك في خدماتها اللاسلكية المدفوعة لاحقًا، وهو تراجع واضح مقارنة بزيادة بلغت 18 ألف عميل في الربع الثالث من عام 2024.

ويعتبر قطاع الخدمات اللاسلكية المدفوعة لاحقًا أحد أهم مصادر النمو بالنسبة لشركات الاتصالات، نظرًا لاستقراره المالي وإيراداته المستمرة. وبالتالي، فإن خسارة هذا العدد من العملاء، رغم محدوديته نسبيًا، تحمل دلالات على تحول في سلوك المستهلكين أو نجاح المنافسين في تقديم عروض أكثر إغراء.

الرئيس التنفيذي دان شولمان علّق على الأوضاع بتصريح لافت، أكد فيه أن الإدارة "ستتخذ إجراءات جريئة ومسؤولة ماليًا لإعادة تعريف مسار فيريزون في هذه المرحلة الحرجة". وأضاف أن ما ستشهده الشركة لن يكون مجرد مجموعة من التعديلات الصغيرة، بل تغييرات واسعة وجذرية تمتد إلى مختلف إدارات العمل.

ويشير هذا الخطاب إلى أن خفض الوظائف ربما يكون بداية عملية إعادة هيكلة شاملة، تتضمن إعادة توزيع الموارد وتركيز الاستثمارات على مجالات ذات جدوى أعلى، مثل توسيع خدمات الإنترنت المنزلي عبر الشبكات اللاسلكية ورفع كفاءة البنية التحتية للجيل الخامس.

ويرى محللون أن فيريزون تواجه معضلة مزدوجة: فمن ناحية، عليها الاستثمار بكثافة في تحديث شبكاتها لمجاراة المنافسين، ومن ناحية أخرى، تحتاج لخفض التكاليف لحماية أرباحها في ظل ارتفاع معدلات التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي. وهو ما يدفع الشركات الكبرى غالبًا إلى اتخاذ قرارات مؤلمة، على رأسها تقليص العمالة.

كما يُتوقع أن تثير الخطوة ردود فعل واسعة داخل الولايات المتحدة، وخاصة من النقابات العمالية والمشرعين الذين انتقدوا في السنوات الأخيرة موجة التسريحات التي طالت قطاعات التكنولوجيا والاتصالات. وقد تواجه فيريزون ضغوطًا لشرح كيفية التوفيق بين إعلان أرباح قوية وبين تسريح هذا العدد الضخم من الموظفين.

رغم ذلك، تشير بعض التقارير إلى أن الخفض سيتركز في الإدارات ذات الطابع التشغيلي التقليدي، في مقابل تعزيز الوظائف التقنية المرتبطة بالخدمات الرقمية والذكاء الاصطناعي. وهو اتجاه يتماشى مع التغييرات التي تتبناها شركات التكنولوجيا عالميًا، حيث يتم استبدال مهام بشرية بعمليات أكثر اعتمادًا على الأتمتة والتحليلات الذكية.

وفي الوقت الذي ينتظر فيه الموظفون تفاصيل أكثر وضوحًا حول آلية التنفيذ ونطاق الإدارات المتأثرة، يبقى المستقبل القريب للشركة معلقًا على كيفية إدارة هذه التحولات. فإما أن تنجح فيريزون في تجاوز هذه المرحلة الصعبة والخروج بنموذج عمل أكثر مرونة وقوة، أو تدفع ثمن تأخرها في مواكبة بيئة تنافسية تتغير بسرعة غير مسبوقة.

في النهاية، تأتي هذه الخطوة لتؤكد أن قطاع الاتصالات، رغم ضخامته واستقراره الظاهري، يعيش لحظة إعادة تشكيل عميقة، وأن الشركات الأكبر ليست بمنأى عن الضغوط التي تجبرها على اتخاذ قرارات قاسية في سبيل البقاء.