بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

بين الابتسامات والصفعات

لقاء ناعم مع "ممدانى" واستقالة صادمة من "غرين"

بوابة الوفد الإلكترونية

فى لقاء بدا أبعد ما يكون عن سخونة الخطابات الانتخابية التى تبادلها دونالد ترامب وزهران ممدانى خلال الشهور الماضية، احتضن المكتب البيضاوى مشهدا تصالحيا غير متوقع بين الرئيس الأمريكى وعمدة نيويورك المنتخب. حمل الرجلان النيويوركيان ابتسامات ود سياسى معلن الهدنة بشكل مؤقت، بينما ظهرت إشارات نادرة على استعداد مشترك للتعاون حول مستقبل مدينتهما الأم. هذا اللقاء الذى كان كثيرون ينتظرون أن ينفجر بمواجهة صاخبة، خرج بمظهر مغاير تماما، حيث تحولت الخصومة إلى مساحات نقاش وتفاوض على أجندة يتفق الطرفان على خطوطها العريضة.
أشاد ترامب بممدانى بوصفه فائزا خاض سباقا لا يصدق أمام شخصيات سياسية قوية للغاية، مؤكدا أن ما يجمعهما أكبر من خلافات الماضى وهو حب نيويورك ورغبة مشتركة فى رؤيتها تنجح من جديد. أبدى ترامب إعجابا خاصا بصعود ممدانى من العدم إلى قمة السياسة المحلية، معربا عن سروره بأن جزءا من مؤيديه صوتوا للعمدة المنتخب. قاطعه ممدانى ليوضح أن واحدا من كل عشرة من سكان كوينز مؤيدى ترامب دعموه، مستعيدا نقاشه مع سكان الحى الذين أخبروه بأن والد ترامب الراحل كان زبونا ثابتا فى صيدلية محلية. ترامب بدوره تعهد بدعم العمدة الجديد قائلا إنه كلما كان أداء ممدانى أفضل كان هو أكثر سعادة.
ورد ترامب على المخاوف اليمينية التى رافقت صعود ممدانى حول هجرة محتملة للنخب المالية من المدينة مؤكدا أنه شخصيا سيعيش فى نيويورك تحت إدارة العمدة الجديد. أضاف أنه يشعر براحة أكبر الآن بعد لقائه ممدانى، وتوقع أن الأخير سيفاجئ المحافظين بأدائه. وعندما سئل ترامب عن تصريحات إليز ستيفانيك التى وصفت ممدانى بالجهادى، رفض ترامب هذا الوصف ووصفه بأنه مجرد خطاب انتخابى مبالغ فيه، قائلا إنه وجد ممدانى رجلا عقلانيا يريد الخير للمدينة.
واجه ممدانى أسئلة محرجة من صحفيين محافظين، لكنه وجد ترامب يتدخل مرارا للتخفيف عنه وتحويل مسار الأسئلة. وعندما سئل إن كان سيتراجع عن وصفه السابق لترامب بالطاغية، تجنب الدخول فى جدل مباشر، مؤكدا أن اجتماعهما كان منصبا على خدمة سكان المدينة لا على تبادل الاتهامات القديمة. تدخل ترامب ليخفف التوتر مؤكدا أنه وُصف بأسوأ مما قيل عنه فى الحملات، مضيفا أن ممدانى سيغير رأيه حين يبدأ العمل معه. وعندما حاولت مراسلة فوكس نيوز الضغط على ممدانى لتأكيد ما إذا كان لا يزال يعتبر ترامب فاشيا، قاطع ترامب السؤال مجددا، ربّت على ذراع ممدانى مازحا وطلب منه الموافقة لتجاوز الإحراج، وهو ما فعله العمدة المنتخب.
حتى فى الأسئلة التى اتهمت ممدانى بالنفاق لسفره جوا إلى واشنطن بدلا من القطار الأكثر مراعاة للبيئة، تدخل ترامب دفاعا عنه قائلا إن السفر الجوى أسرع وأن العمدة المنتخب مشغول. بدا واضحا أن ترامب كان مصمما على إدارة الجلسة بلطف غير معتاد تجاه خصم سياسى سابق.
وعلى الرغم من الخلافات الأيديولوجية العميقة، أظهر الطرفان توافقا مفاجئا حول قضية القدرة على تحمل تكاليف المعيشة، وهى محور حملة ممدانى وأحد الملفات التى يحاول ترامب إعادة تركيز رسالته السياسية حولها. ناقش الجانبان أسعار الإيجارات والبقالة والمرافق، واصفا ممدانى لقاءه بأنه مثمر وركز على حب نيويورك والحاجة لحماية 8.5 مليون من سكانها الذين يواجهون تكلفة معيشية خانقة. رحب ترامب برغبة ممدانى فى بناء المزيد من المساكن، ملمحا إلى أن إدارته قد تضغط على شركة كون إيديسون لخفض الأسعار. وأكد أن ما اتفقا عليه أكثر مما توقع بكثير، متعهدا بمساعدته على تنفيذ أجندته.
غير بعيد عن أجواء البيت الأبيض، جاءت صدمة سياسية أخرى مع إعلان مارغورى تايلور غرين استقالتها من الكونغرس بدءا من 5 يناير 2026. غرين التى كانت ذات يوم إحدى أبرز وجوه حركة ماجا، هاجمت إدارة ترامب بقسوة فى الأشهر الأخيرة، خصوصا بسبب نشر ملفات جيفرى إبستين، ودعم إسرائيل، وتمديد إعانات أوباما كير. اتهمت القيادة الجمهورية بتهميشها ورفض الدفع بأجندة محافظة حقيقية، ووصفت ترامب بأنه لم يعد يمثل مبادئ أمريكا أولا.
فى بيان من أربع صفحات، قالت غرين إن السلطة التشريعية تضاءلت قوتها، وإن المؤسسة السياسية فى الحزبين تخون الأمريكيين العاديين. وأشارت إلى أنها تواجه تهديدات بالقتل وحملات تشهير وهجمات شخصية لا تنتهى، وأن شركات أمنية خاصة حذرتها بشأن سلامتها بعد سحب ترامب دعمه لها. اتهمت الرئيس بأنه جزء من حملة تهديدات غير مباشرة، رغم عدم ذكر اسمه صراحة، وقالت إنها قاتلت لأجل النساء اللاتى تعرضن لانتهاكات على يد إبستين وإن كشف الحقيقة لا يجب أن يجعلها هدفا لترمب.
استقالة غرين ستقيد أغلبية الجمهوريين الضعيفة أصلا فى مجلس النواب، وتفتح الباب عن مصير سياسى جديد قد تخطط له فى المستقبل. فازت دائرتها لترامب بنسبة كبيرة عام 2024، وكذلك فازت هى بنسبة واسعة، لكن شجارها مع ترامب لم يُحدث شرخا واضحا فى قاعدتها الانتخابية. ومع ذلك، يرى محللون سياسيون أن خطوتها قد تكون تمهيدا لدور أكبر تسعى إليه خارج الكونغرس.