معنى الصلاة الواردة في قوله تعالى: صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
الصلاة على النبي.. الدعاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بأي دعاء، وإنما هو معنًى مخصوصٌ يظهر في السؤال والطلب من الله تعالى أن يتولى الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم، كـقولنا: "اللهم صلِّ على سيدنا محمد" أو صلَّى الله على سيدنا محمد" أو ما يُشبه ذلك؛ تعظيمًا لشأنه وقضاء لحقه ووفاء بمكافأته وزيادة في صلاة المولى الكريم عليه فهي دائمة بدوام مُلك الله.
بيان معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وأوضحت أن الصلاة تقع على معانٍ متعددة، فهي من قبيل المشترك، ولقد نقل الاصطلاح الشرعي لكلمة "الصلاة" من معناها اللغوي وهو الدعاء، وجُعلت بمعنًى لم يكن الاسم موضوعا له في اللغة، وهو معنى الصلاة المعروفة لنا، وهي "أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير ومنتهية بالتسليم".
قال الإمام العمراني في "البيان" (2/ 7، ط. دار المنهاج): [الصلاة في اللغة: عبارة عن الدعاء، قال الله تعالى لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: 103]؛ أي: ادع لهم.. وأما في الشرع: فقد نُقل هذا الاسم إلى أقوال وأفعال مخصوصة، وهي: التكبير، والقراءة، والركوع، والسجود، والتشهد، وغير ذلك. فإذا وردت الصلاة في الشرع فإنما تنصرف إلى الصلاة الشرعية دون اللغوية] اهـ.
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
وقد نُقل هذا الاسم في "الصلاة على النبي" -وهي مسألتنا- فصار لها معنى غير هذا وذاك، وهو المراد شرعًا في كيفية الصلاة على النبي المتعلق بها الحكم في قوله: ﴿صَلُّوا عَلَيْهِ﴾ المنزَّل في الآية الكريمة التي قال الله تعالى فيها: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
ولما نزلت هذه الآية الكريمة توقف الصحابة رضي الله عنهم في فهم المراد من الأمر الإلهي بالصلاة على النبي؛ لأنه صار بمنزلة المجمل الذي يحتاج إلى بيان، كَهَلْ لذلك صفة تختص به؟ وما الصيغة التي تليق؟ وذلك لأن الدعاء يكون بألفاظ متعددة وعلى كيفيات مختلفة وصفات متنوعة.
وقد توجهوا بالسؤال إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأعلمهم أن المشروع في ذلك صفة مخصوصة، وهي أن يطلب العبد من مولاه عزَّ وجلَّ أن يتولى الصلاة على نبيه ومصطفاه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم.
الصلاة على النبي
فعن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أَنَّ الصحابة رضي الله عنهم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» متفقٌ عليه، والحديث أخرجته كتب السُّنَّة المشرفة عن عدد من الصحابة كأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وكعب بن أبي عجرة، وأبي مسعود الأنصاري، وطلحة، وبريدة الخزاعي رضي الله عنهم أجمعين، ووقع بعض طرقه عند الإمام البيهقي في "الدعوات الكبير"، و"المعرفة" رواية الإمام الشافعي عن الإمام مالك رحمهما الله تعالى.