بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

بين نار التنازلات وارتباك الحلفاء وصدمة الفساد

كييف تواجه أخطر لحظات الحرب.. و«زيلينسكى» يحذر من الخطة الأمريكية الروسية

بوابة الوفد الإلكترونية

أعلن الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى استعداده للتعامل مع الولايات المتحدة بشأن رؤيتها لانهاء الحرب مع روسيا فى مؤشر واضح على انفتاح كييف على مناقشة الخطة الأمريكية الروسية المسربة التى تتضمن تنازلات ثقيلة لم تكن الحكومة الاوكرانية تقبل بها فى السابق.
وتوقعت وكالة بلومبرج ان يعقد عدد من القادة الاوروبيين محادثات عاجلة مع زيلينسكى لبحث تفاصيل الخطة الأمريكية الروسية بعدما تمت الدعوة إلى اتصال طارئ يضم كير ستارمر رئيس وزراء المملكة المتحدة وايمانويل ماكرون رئيس فرنسا وفريدريش ميرز مستشار ألمانيا، على ان يشاركوا فى المكالمة من كييف عند منتصف ليلة امس بالتوقيت الاوروبى. وذكرت الوكالة ان النقاشات ستتواصل اليوم السبت على هامش قمة مجموعة العشرين فى جنوب افريقيا لمتابعة تداعيات المبادرة على امن القارة ومستقبل الحرب.
وبحسب وكالة «رويترز»، فقد ألغى «ميرز» مشاركته فى فعالية كانت مدرجة مسبقا فى جدول اعماله لافساح المجال امام الانضمام لهذا الاجتماع العاجل الذى تصفه مصادر غربية بأنه يحمل طابعا استراتيجيا. وتشير النسخة المسربة من الخطة إلى ان كييف ستتخلى عن مساحات واسعة من دونيتسك التى لا تزال تحت سيطرتها وتقوم بخفض حجم جيشها وتتعهد بعدم الانضمام إلى حلف شمال الاطلسى وهى شروط كانت تعتبر فى اوكرانيا خطوطا حمراء غير قابلة للنقاش. ورغم ذلك نفى البيت الابيض اقصاء كييف عن العملية، مؤكدا ان الخطة جاءت نتيجة مشاورات مطولة بين المبعوث الأمريكى ستيف ويتكوف ومسئولين روس بينهم كيريل دميترييف.
ورغم ان بنود المبادرة تبدو منحازة بشكل واضح لصالح موسكو فإن كييف اختارت الرد بحذر دون اعلان رفض صريح. وتعتمد اوكرانيا منذ الغزو الروسى الواسع فى فبراير 2022 على الدعم العسكرى والمالى الأمريكى لكن الرئيس دونالد ترامب اعاد صياغة الموقف الأمريكى بحيث تتحمل دول الناتو حصة اكبر من التمويل بينما اصبح التوصل إلى اتفاق سلام جزءا اساسيا من اولويات ادارته.
وجرى تسريب المسودة بينما كانت موسكو تعلن تحقيق مكاسب محدودة فى شرق اوكرانيا فى وقت يواجه فيه زيلينسكى ازمة داخلية حادة عقب تفجر فضيحة فساد بقيمة مئة مليون دولار تورط فيها مسؤولون كبار. وفى خطاب مسائى قال زيلينسكى ان مسئولين عسكريين امريكيين قدموا إلى كييف وعرضوا مقترحاتهم وملامح خطتهم واصفا ما طرحوه بأنه رؤية لانهاء الحرب.
وشدد زيلينسكى على ان موقف بلاده ثابت منذ بداية الغزو وهو السعى إلى سلام حقيقى يمنع تكرار العدوان. ويتمسك الاوروبيون والاوكرانيون بمفهوم سلام عادل ودائم يحول دون سيطرة روسيا على مزيد من الاراضى بينما كانت موسكو قد ضمت القرم واربع مناطق اخرى خلال الحرب.
ورغم ان القادة الأوروبيين ظلوا خارج دائرة المفاوضات الأمريكية الروسية قال وزير الخارجية الالمانى يوهان فادفول ان الخطة ليست جاهزة وانها مجرد قائمة خيارات وملاحظات فى ضوء تصريحات وزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو. وتتضمن المسودة تحديد عدد القوات الاوكرانية بست مئة الف جندى ونشر طائرات مقاتلة اوروبية فى بولندا ومنح كييف ضمانات امنية غير مفصلة إلى جانب حظر توسع الناتو مع التزام روسيا بعدم شن غزو جديد على جيرانها.
كما تشير الخطة إلى اعادة دمج روسيا فى الاقتصاد العالمى عبر رفع العقوبات والسماح بعودتها إلى مجموعة الدول السبع لتصبح مجموعة الثمانى مرة اخرى وهى خطوة تثير حساسية سياسية حادة فى اوروبا وكييف. ومن المقرر ان يجرى زيلينسكى محادثات مع ترامب خلال الايام المقبلة لمناقشة المقترحات التى تشمل ايضا تخلى اوكرانيا عن عدد من الاسلحة.
وردت المتحدثة باسم البيت الابيض كارولين ليفيت على الانتقادات التى تقول ان الخطة مليئة بتنازلات اوكرانية مؤكدة ان الاقتراح جاء نتيجة تعامل متوازن وان ويتكوف وروبيو عملا عليه بهدوء لشهر كامل للحصول على التزامات ممكنة من الطرفين. وقال مسئول امريكى رفيع لشبكة سى بى اس نيوز ان الخطة اعدت بعد مناقشات مباشرة مع رستم عمروف احد كبار مسئولى ادارة زيلينسكى والذى وافق على غالبية البنود بعد تعديلات متعددة قبل عرضها على الرئيس.
واشار احد النواب الاوكرانيين إلى ان كييف لم تكن جزءا من النقاشات الاولى لكنها انضمت لاحقا كما اكد مكتب زيلينسكى ان واشنطن ترى فى هذه الخطة امكانية لتحريك المسار الدبلوماسى. وفى اغسطس كان ترامب قد خرج من اجتماع مباشر مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى الاسكا دون نتائج ما زاد من احباطه تجاه موسكو ودفعه إلى فرض عقوبات جديدة على منتجى النفط الروس.
ورغم حساسية اللحظة اكد زيلينسكى عدم مهاجمة الخطة تجنبا لخسارة الدعم الأمريكى معربا عن تقديره لجهود ترامب وفريقه لاعادة الامن إلى اوروبا وقال انه يسعى إلى سلام يحفظ كرامة الشعب الاوكرانى. وجاء الموقف الاوكرانى بعد اجتماع فى كييف مع قيادات عسكرية امريكية بارزة بينهم وزير الجيش دان دريسكول ورئيس الاركان الجنرال راندى جورج وقائد القوات الأمريكية فى اوروبا الجنرال كريس دوناهو.
وعلى الجانب الاوروبى قالت مسئولة السياسة الخارجية فى الاتحاد الاوروبى كايا كالاس ان القارة ليست جزءا من صياغة الخطة مؤكدة ان نجاح اى مبادرة يستلزم مشاركة الاوروبيين والاوكرانيين معا. وفى الوقت نفسه استغل الكرملين الفضيحة الداخلية فى كييف لتقويض الموقف الاوكرانى اذ قال ميريزكو عضو البرلمان ان هناك شعورا بأن تسارع الاحداث قد يضعف قدرة البلاد على مواجهة العدوان الروسى موضحا ان الانقسامات الداخلية تصب فى مصلحة بوتين.