تغلغل الأجانب!!

هناك كتاب للورد «ملنر» الذى كان يعد من اللاعبين الأساسيين لصياغة السياسة الداخلية والخارجية البريطانية العظمى فى إدارة مستعمراتها، عنوانه «إنجلترا فى مصر» وقد أسند إليه الإنجليز عقب قيام ثورة 1919 مهمة رئاسة لجنة جاءت لبحث ودراسة أسباب الثورة وعلاجها، وقضى هو ولجنته ثلاثة أشهر تقريباً، فاكتشف «اللورد ملنر» وذكر ذلك فى كتابه أهم أسباب فشل الحكومات فى تحسين الأوضاع الاقتصادية لمصر، يرجع إلى أن الأجانب يمتلكون ثلاثة أخماس أراضى مصر ملكاً ورهناً، وأيضاً تمتلك رؤوس الأموال الأجنبية أفراداً وشركات نحو مائتين وخمسين مليون جنيه، بالإضافة إلى أن مصر مدانة لأوروبا بنحو ستة مليارات من الفرنكات. وهذه الملايين جعلت الكيان الاقتصادى المصرى كياناً أجنبياً يستمد وجوده من الخارج، فأصبحت الأمة المصرية أسيرة مالياً لأوروبا. ورأى الرجل أن الاقتصاد المصرى لا يستطيع أن يتعافى من أزمته إلا بدعم المصريين بما لديهم من أموال واستثمارات بمشاريع عديدة. ولكن مصر فى ذلك الوقت وأعتقد ومازال فى اعتقادى أن الحالة استمرت فى تراجع لمدة طويلة، لتغلغل رؤوس الأموال الأجنبية التى تقاوم أى إصلاح لكى تصبح البلاد أسيرة لهم. بذلك يتأكد أن ثورة 19 لم تكن ثورة على الاستعمار الإنجليزى فقط إنما ثورة على التغلغل الأجنبى فى البلاد.