الغيرة القاتلة
سيدة الإسكندرية أنهت حياة زوجها بسبب مراعاته لوالدته
أطفال الضحية شهود الحادث كشفوا أسرار الشجار الأخير
لم يتجاوز الثامنة من عمره، لكنه يتحدث بملامح رجل أثقلته التجارب، بصوتٍ خافت وعيونٍ غارقة فى الحزن بعد مقتل والده على يد أمه، بدأ الطفل ياسين روايته قائلاً: «لم يكن يومًا عاديًا.. كان يومًا غيّر حياتى للأبد».
ياسين يروى أن صوت الصراخ كان أول ما أيقظه هو وأشقاؤه فى تلك الليلة، ورغم اعتيادهم على خلافات والديهما، فإن ما سمعوه فى ذلك اليوم كان مختلفًا وأكثر عنفًا، جعله يتوجه نحو غرفة والده ليجد الباب مفتوحًا قليلاً، ومن خلال الفتحة رأى والديه يتشاجران بشدة.
يقول ياسين: «أبى نادانا واحتضننا على السرير، وطلب من أمى أن تترك الغرفة حتى لا نخاف، لكنهّا لم تستجب، حاولت جذبنا بالقوة، فقام والدى بإخراجها وإغلاق الباب».
لكن الأم، وفق رواية الطفل، فقدت السيطرة على أعصابها، فأحضرت قطعة حديد وبدأت فى تكسير الباب حتى نجحت فى فتحه وهى فى حالة هستيرية غير طبيعية.
يتابع ياسين روايته: «أبى كان يحتضننا ويحمينا، لكنها أسرعت إلى المطبخ وأحضرت سكينًا، لم نتخيّل أنها ستفعلها.. لكنها طعنت أبى عدة مرات أمام أعيننا، حاول الإمساك بها فطعنت يده وقطعت جزءًا منها.
كانت الأم تصرخ فى وجه الزوج، تلومه على ما وصلت إليه، وتقول: «أنت السبب.. قلت لك هات أولادى ونور عينى ورفضت».
يقول الطفل: «شاهدت أبى ينزف وينظر إلينا نظرة الوداع.. لم أستطع الحركة من الصدمة».
بحسب شهادة ياسين، فإن الخلافات بين والديه كانت ممتدة منذ فترة طويلة، كانت والدته تشعر بغيرة شديدة من أسرة والده، خاصة والدته التى كان يرافقها ويقدم لها الدعم المادى والمعنوى بعد وفاة والده.
يوضح الطفل أن والده، رغم التزامه بواجباته الزوجية، كان بارًا بأمه ومهتمًا بشؤون أسرته، وهو الأمر الذى كان يثير غضب والدته باستمرار، ويدفعها للاتهام بأنه «منشغل بعائلته أكثر منها».
تكررت الخلافات وتزايدت حدة الصراعات، حتى أصبحت الغيرة هاجسًا يسيطر على الأم، ويؤجج شجارات لا تنتهى داخل المنزل.
يروى ياسين أن الشرارة الأخيرة كانت بعد شجار حول مصروف البيت، عندما قال والده غاضبًا: «كفاية.. هاخد أولادى نعيش مع أمى، وانتى سيبى البيت، مش هتشوفيهم تانى».
كانت الجملة كفيلة بانهيار الأم، التى صرخت بأن أبناءها لن يغادروا المنزل إلا فوق جثتها، وفى لحظة غضب عمياء، اتجهت نحو المطبخ لتبدأ المأساة. «اتصلت بعمّى وقالت له: تعال شوف أخوك.. قتلته»
بعد تنفيذ الجريمة، تصف رواية الطفل أن الأم جلست بجوار الجثة تبكى، ثم اتصلت بعمّه معترفة بما حدث: «تعالى شوف أخوك.. أنا قتلته».
عند حضور عم ياسين، أُبلغت الشرطة التى ألقت القبض على الأم، ليجد الأطفال أنفسهم بلا أب.. وأم خلف القضبان.
ياسين، الذى روى تفاصيل الحادثة بين دموعه، ختم حديثه قائلاً: «أبى كان الحنان كله.. فقدته للأبد. حياتنا انتهت يوم مقتله.. واتشردنا بعدها، لم أعد افهم ليه حصل كل ده.. وليه أمى عملت كده».
وكشفت التحقيقات أن الحادث وقع فجر الأحد الماضى فى منطقة أبو يوسف غرب الإسكندرية، وشهد الأطفال الثلاثة الحادث وأصيبوا بصدمة نفسية شديدة، فيما أصيب الجيران بحالة من الذهول عند مشاهدة الحادث.
تلقت قسم شرطة الدخيلة بلاغًا يفيد بمقتل شاب داخل منزله، وانتقل على الفور رجال المباحث، إلى موقع الحادث، وتمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط الزوجة المتهمة، كما جرى تحرير المحضر اللازم وإخطار النيابة العامة للتحقيق فى الواقعة.
أكدت التحريات الأولية أن الضحية محمد إبراهيم صاحب ورشة ميكانيكا مشهورة بالمنطقة، وكان معروفًا بحسن الخلق وسمعته الطيبة بين الأهالى والجيران، ما زاد من صدمة السكان عقب انتشار خبر مقتله.
بعد الحادث تم نقل جثمان الضحية إلى مشرحة كوم الدكة تحت تصرف النيابة العامة، التى أمرت بحبس المتهمة 4 أيام على ذمة التحقيق.
كما تواصل الأجهزة الأمنية استجواب الزوجة للوقوف على دوافع الجريمة وظروف وقوعها، تمهيدًا لإحالة القضية إلى جهات القضاء المختصة فور استكمال الإجراءات والفحوصات اللازمة، بما فى ذلك تقرير الطب الشرعى وسماع أقوال الشهود.