يا خبر
ترامب رجل الخطط متعددة البنود
يبدو أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قد تفاءل بالخطط ذات العشرين بندا فيما أكثر لإنهاء الصراعات المعقدة، وذلك بعد تطبيقها على الحرب فى غزة ونجاحها -حتى الآن- فى إنهاء الحرب، فقد كشف موقع «أكسيوس» الأمريكى مؤخرا أن إدارة الرئيس ترامب تعمل سرا بالتشاور مع روسيا لصياغة خطة جديدة لإنهاء الحرب فى أوكرانيا، وأن الخطة مكونة من 28 بندا ومستوحاة من جهود ترامب الناجحة للتوصل إلى اتفاق فى غزة فيما أعرب مسؤول روسى رفيع المستوى عن تفاؤله بالخطة.. ولم يتضح بعد موقف أوكرانيا وداعميها الأوروبيين من الخطة التى تنقسم بحسب المصادر إلى 4 محاور رئيسية هى السلام فى أوكرانيا، والضمانات الأمنية، والأمن فى أوروبا، ومستقبل العلاقات الأمريكية مع روسيا وأوكرانيا.. وبنفس اللاعبين يقود ستيف ويتكوف مبعوث ترامب صياغة الخطة، وقد ناقشها على نطاق واسع مع المبعوث الروسى كيريل دميترييف، وفى مقابلة مع «أكسيوس»، قال دميترييف، الذى يشارك بعمق فى الجهود الدبلوماسية بشأن أوكرانيا، إنه أمضى 3 أيام مع ويتكوف وأعضاء آخرين فى فريق ترامب عندما زار ميامى فى الفترة من 24 إلى 26 أكتوبر، وأعرب عن تفاؤله بشأن فرص نجاح الاتفاق، وقال إنه على عكس الجهود السابقة، أصبح الموقف الروسى مسموعا بالفعل، وأن الفكرة الأساسية هى استخلاص المبادئ التى اتفق عليها ترامب وبوتين خلال قمتهما فى ألاسكا فى أغسطس الماضى، وتقديم مقترح لمعالجة الصراع فى أوكرانيا، وكذلك كيفية استعادة العلاقات الأمريكية الروسية ومعالجة المخاوف الأمنية الروسية.
< السؤال الذى يطرح نفسه هل ينجح الرئيس ترامب فى إنهاء الصراع الروسى الأوكرانى على غرار ما حدث فى غزة؟
< الحقيقة أن المسألة ليست بهذه السهولة، فهناك العديد من التحديات التى تواجهه، أولها مثلا مسألة تسليح أوكرانيا من حلفائها الغربيين والتى تشكِّل معضلة لا سيما أن خلل ميزان القوة بين روسيا وأوكرانيا أسهم فى إطالة أمد الحرب، لذلك حذَّر وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف فى 15 أكتوبر 2025 الولايات المتحدة من تسليم صواريخ توماهوك الهجومية بعيدة المدى لأوكرانيا، مؤكدًا أن ذلك من شأنه أن يلحق ضررًا هائلًا بتطبيع العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وجاء ذلك التحذير بعد أن ألمح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى وقت سابق إلى إمكانية تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك، إذا لم توافق روسيا على إنهاء الحرب.
< التحدى الثانى هو إصرار كل طرف من طرفى الصراع على انصياع الطرف الآخر لشروطه، فالرئيس بوتين يطالب الدول الغربية وأوكرانيا بالاعتراف بضم الأقاليم الأربعة التى أعلنت موسكو ضمها للسيادة الروسية فى 30 سبتمبر 2022 بعد اندلاع الحرب وهى (دونيتسك ولوجانسيك وزابوريجيا وخيرسون)، ورفض انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسى «الناتو»، ووقف تمدد الحلف إزاء مناطق تماس الأمن القومى الروسي.. فى المقابل، يصر الرئيس الأوكرانى زيلينسكى على خروج روسيا من كامل الأراضى الأوكرانية التى احتلتها، ويمسك بحق أوكرانيا فى الانضمام للناتو
< التحدى الثالث هو الموقف الأوروبى الضعيف فعلى الرغم من مساندة أوروبا لأوكرانيا فى الحرب، إلا أن الدور الأوروبى بدا ضعيفا تدريجيا عند الحديث عن السلام وإنهاء الحرب وهذا يعكس معضلة الأمن الأوروبى بشكل عام، مع الأخذ فى الاعتبار أن العديد من القوى الأوروبية تعزز قدراتها العسكرية، بما أدى إلى سباق تسلح محموم فى القارة الأوروبية، فضلًا عن تنامى الحديث حول الردع النووى الأوروبى، وهو ما أشار إليه الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون حول مد مظلة الردع النووى الفرنسى للحلفاء، كما اتجهت دول أوروبية رئيسية كألمانيا وفرنسا إلى بناء شراكات إستراتيجية جديدة مع كل من الصين والهند، وهو ما يعد خصمًا من رصيد التحالف الأوروبى الأمريكي.
< الخلاصة أن الرئيس الأمريكى بالفعل يريد إنهاء هذه الحرب ولا يريد أن يقال أنه فشل لاسيما وأنه روج فى حملته الانتخابية أنه سينهى الحرب بعد أيام من توليه، وهذا لم يحدث، لكن ترامب متمسك بـ استراتيجيته لإنهاء الحروب التى تمثل تهديدًا للاستقرار العالمى، ومن ثم يعتزم تجريب بدائل أخرى لاسيما التى ثبت نجاحها كالخطة متعددة البنود، ولا مانع من التراجع عن بعض البنود أو إعادة ضبطها وما لا يدرك كله لا يترك كله، وأتوقع أن ترامب سينجح فى هذا المسار.