انتخابات النواب.. ضوابط صارمة ومراجعات دقيقة لضمان إرادة الناخب
تستعد مصر لانطلاق المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025، والتي تُعد محطة مهمة في استكمال تشكيل السلطة التشريعية بكافة محافظات الجمهورية، وتُجرى عملية التصويت للمصريين بالخارج يومي 21 و22 نوفمبر الجاري، بينما تنطلق داخل البلاد يومي 24 و25 من الشهر نفسه، في إطار حرص الدولة على تعزيز المشاركة السياسية وتمكين المواطنين من ممارسة حقهم الدستوري في اختيار ممثليهم.
وتُولي الهيئة الوطنية للانتخابات اهتمامًا كبيرًا بضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية، إذ تعمل على توضيح القواعد المنظمة للاقتراع والتأكد من التزام الناخبين بالضوابط القانونية التي تكفل سرية التصويت وصحة الإجراءات. وتركّز الهيئة على تعريف المواطنين بالحالات التي تؤدي إلى بطلان الصوت الانتخابي، باعتبارها عنصرًا جوهريًا في الحفاظ على مصداقية النتائج ومنع أي تلاعب أو خطأ قد يؤثر على سلامة العملية.
وينص قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية رقم 45 لسنة 2014 على عدد من الضوابط الواضحة، من بينها استخدام القلم المخصص فقط داخل اللجنة، وعدم استعمال قلم الرصاص أو أدوات أخرى، وعدم تعليق الصوت على شرط، أو التصويت لأكثر أو أقل من العدد المطلوب، إلى جانب تجنب وضع أي علامة قد تكشف هوية الناخب مثل التوقيع أو الرموز أو كتابة الاسم.
الحالات التي يبطل فيها الصوت
وفقًا للقانون، تشمل أبرز حالات البطلان:
تعليق الصوت على شرط معين.
التصويت لعدد أكبر أو أقل من العدد المقرر، مثل اختيار أربعة مرشحين بدلًا من ثلاثة.
استخدام بطاقة اقتراع غير صادرة من اللجنة الفرعية الخاصة بالناخب.
وضع أي إشارة شخصية تفصح عن هوية صاحب الصوت.
وأوضحت الهيئة أن وقوع أي خلل في صندوق معين لا يعني بالضرورة بطلان التصويت في كامل اللجنة، إلا إذا توافرت شبهات جدية تؤثر على نزاهة العملية. كما تشدد على أهمية تنظيم البطاقات داخل الصناديق، والتأكد من سلامة الأقلام، والتعامل الفوري مع أي مخالفة دون الإضرار بباقي الإجراءات.
تعزيز الوعي الانتخابي
تأتي هذه الضوابط في إطار جهود الهيئة الوطنية للانتخابات لرفع مستوى الوعي لدى الناخبين وضمان انتخابات نزيهة وشفافة، مؤكدة أهمية التزام المواطنين بالقواعد القانونية، ومعرفة الحالات التي قد تؤدي إلى فقدان أصواتهم، بما يضمن احتساب كل صوت بشكل صحيح ويعزز الثقة في العملية الديمقراطية.
وتؤكد الهيئة أنها تتابع بدقة أي مخالفات قد تقع خلال يومي التصويت، بما يضمن أعلى درجات الانضباط خلال انتخابات مجلس النواب 2025، ويعكس الإرادة الحقيقية للمواطنين.
المعالجة الجزئية بدل الإلغاء الكامل
وفي سياق متصل، قال الخبير في النظم والتشريعات البرلمانية عبد الناصر قنديل إن قرار الهيئة الوطنية للانتخابات بإبطال نتائج التصويت في 19 دائرة موزعة على سبع محافظات وتمثل نحو 26% من دوائر المرحلة الأولى يُعد قرارًا شديد الأهمية في المشهد الانتخابي الحالي.
وأشار قنديل إلى أن القرار جاء منسجمًا مع مبدأ "المعالجة الجزئية"، رغم الأصوات التي طالبت بإلغاء المرحلة بالكامل، واصفًا تلك الدعوات بأنها "غير عاقلة"، موضحًا أن الإلغاء الكلي كان سيخلق خللًا قانونيًا ويمثل تمييزًا غير مبرر ضد دوائر لم تشهد مخالفات مؤثرة، وقد يعرض العملية الانتخابية لشبهة عدم الدستورية.
وأوضح أن الإبطال شمل فقط الدوائر التي أثرت فيها الانتهاكات بشكل جوهري على إرادة الناخبين، بما يفقد النتيجة صدقيتها. أما المخالفات التي جرى رصدها في بعض الدوائر الأخرى فتم التعامل معها جزئيًا، ولم يكن لها تأثير حاسم على النتائج النهائية.
وأكد الخبير أن المشهد شهد تدخلًا حكيمًا من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي—وللمرة الثانية—أبدى حرصه على معالجة الثغرات التي ظهرت خلال العملية الانتخابية، بما يستوجب اتخاذ إجراءات تصحيحية. وأضاف أن هذا التدخل جاء في إطار التنسيق مع الهيئة الوطنية للانتخابات، التي رغم استقلاليتها الكاملة، رأت أن التوجيهات الرئاسية تتوافق مع رؤيتها بشأن الدوائر الـ19 التي تقرر إبطال نتائجها.
.