الأخصائيون المستبعدون من الحوافز يثورون.. العدالة التعليمية بين صمت الحكومة والغضب
في الوقت الذي كانت فيه المؤسسات التعليمية تنتظر قرارات حكومية تعزز من روح الفريق وتدعم استقرار البيئة المدرسية، جاء الإعلان عن الحوافز الجديدة ليشعل موجة من الغضب والاعتراض.
فبدلا من أن يكون القرار خطوة نحو العدالة الوظيفية، تحول إلى شرارة أزمة جديدة بعدما استبعد فئات أساسية من الأخصائيين الذين يشكلون العمود الفقري للعمل التربوي والسلوكي داخل المدارس.
هذه الفئات التي تعمل في صمت وتتحمل أعباء يومية ثقيلة وجدت نفسها خارج دائرة الاهتمام، لتبدأ رحلة جديدة من المطالبة بالإنصاف وإعادة الاعتبار لدورها الحيوي في المنظومة التعليمية.
تنامت حالة من الاستياء داخل المؤسسات التعليمية عقب صدور القرار الحكومي الخاص بصرف حافز التدريس وحافز الإدارة المدرسية، بعدما تبين استبعاد فئات واسعة من الأخصائيين التكنولوجيين والاجتماعيين والنفسيين وأمناء المكتبات والصحافة المدرسية، رغم كونهم جزءا من الهيكل الوظيفي الذي يخضع لقانون كادر التعليم.
وجاء القرار الحكومي مانحا حافزا بقيمة تصل إلى 1000 جنيه شهريا بدءا من نوفمبر 2025، على أن تمتد الزيادة إلى 2000 جنيه اعتبارا من أكتوبر 2026، مع وضع مجموعة من الضوابط المتعلقة بالنصاب الأسبوعي للحصص، وعدد أيام العمل الفعلية، وتقدير الكفاءة، وعدم توقيع جزاءات معينة خلال شهر الصرف.
القرار الحكومي بين المساواة والتهميش
ورغم وضوح البنود الرسمية للقرار، إلا أن الفئات المستبعدة اعتبرت المعايير المستخدمة متجاهلة لأدوارها المحورية داخل المدرسة، خصوصا أن تلك الفئات تخضع لنفس القانون 155 لسنة 2007 وتعديلاته الذي يضع هذه الوظائف ضمن منظومة التعليم، وتؤدي مهاما تربوية وسلوكية وإدارية مكملة لعمل المعلمين
لكن استبعادها من الحوافز أثار شعورا بالتهميش المهني والاقتصادي، ما يضعف روح الفريق ويخلق فجوة بين موظفي المدرسة الواحد.
مهام أساسية تتجاهلها الحوافز المالية
أوضحت المذكرة الرسمية للأخصائيين النفسيين والاجتماعيين وأمناء المكتبات والصحافة المدرسية أن مهامهم اليومية لا تقل أهمية عن المعلمين.
تضمنت عرضا تفصيليا لمهامهم داخل المدارس، ومنها تنفيذ الجلسات الإرشادية الفردية والجماعية، والمشاركة في لجان الانضباط وتعديل السلوك، التدخل في الأزمات الطارئة داخل الفصول، ومتابعة الدمج التعليمي، دعم البرامج التربوية والتنموية، وإدارة البنية الرقمية للمدارس.
وأوضحت المذكرة أن تلك المهام تشكل جزءا لا يتجزأ من العملية التعليمية، وليست أعمالا مساندة يمكن تجاهلها عند تطبيق الحوافز، هذه الأدوار تؤثر مباشرة على جودة التعليم والمناخ المدرسي، مما يجعل استبعادهم من الحوافز غير مبرر.
كما تطرقت المذكرة إلى الأساس القانوني للمطالبة، مؤكدة أن قانون التعليم 155 لسنة 2007 وتعديلاته يعتبر الوظائف المعاونة جزءا من منظومة التعليم، وأن العاملين الذين يقدمون خدمات تعليمية وتربوية مباشرة يستحقون إعادة النظر في أوضاعهم عند اعتماد الحوافز المالية.
تصاعد الغضب بين الأخصائيين بعد استبعادهم من حافز التدريس الجديد
وبالتوازي مع المذكرة الرسمية، شهدت المدارس موجة واسعة من الاعتراضات عبر قنوات التواصل العامة، إذ عبر الأخصائيون عن شعورهم بوجود فجوة بين حجم الجهد المبذول داخل المدارس وبين المقابل المالي الذي يحصلون عليه.
وأشاروا إلى أن استبعادهم من أي حافز يؤدي إلى تراجع الحافز الوظيفي وإلى إحساس بالتهميش المهني، خاصة في ظل تحملهم لأعباء يومية ترتبط بشكل مباشر باستقرار البيئة المدرسية.
وتضمنت ردود العاملين في تلك الفئات رسائل متكررة تطالب بالمساواة الكاملة مع بقية أعضاء هيئة التعليم، وتطبيق مبدأ العدالة الوظيفية في التقييم، وإعادة إدراج الأخصائيين ضمن منظومة الحافز تحت أي مسمى، أسوة بما تم مع مديري المدارس والوكلاء من خلال حافز الإدارة المدرسية، كما شددوا على أن القرار الحالي يضعف روح الفريق داخل المؤسسات التعليمية، ويخلق تمييزا بين أطراف المنظومة الواحدة.
وركزت الاعتراضات على أن الأخصائيين التكنولوجيين يتحملون مسؤوليات مباشرة في تشغيل البنية الرقمية للمدارس وإدارة منظومة التعليم الإلكتروني، وأن الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين يقومون بدور أساسي في خفض المشكلات السلوكية، وتحسين المناخ المدرسي، ودعم التحصيل الدراسي من خلال المتابعة اليومية للطلاب، وأن أمناء المكتبات والصحافة المدرسية يقدمون محتوى معرفيا وتربويا يعزز من جودة العملية التعليمية.
كما أشار العديد من العاملين إلى أن تجميد الأجر الأساسي منذ عام 2014 فاقم من الأزمة، وأن استبعاد فئات معينة من الحوافز المالية يضاعف الضغوط الاقتصادية عليهم مقارنة بزملاء آخرين داخل نفس المدرسة.
المطالبة بإعادة النظر: حافز لكل مستحق
طالب العاملون بإعادة تقييم شامل لمعايير صرف الحوافز، وإقرار حافز خاص بالفئات المستبعدة أو دمجهم في الحافز الأساسي، تحقيقا لمبدأ العدالة والحقوق المتساوية داخل المنظومة التعليمية.
التأكيد على العدالة الوظيفية ليس مجرد مطلب مالي، بل خطوة نحو استقرار العملية التعليمية وتحسين بيئة العمل داخل المدارس، لضمان أن يظل التعليم أولوية دون تمييز بين أدوار تكاملية أساسية.
وطالب العاملون بإعادة تقييم شامل لمعايير صرف الحافز الجديد، وإقرار حافز خاص بالفئات المستبعدة تحت مسمى يتناسب مع طبيعة عملهم، أو ضمهم مباشرة إلى الحافز الأساسي تحقيقا لمبدأ تكافؤ الحقوق داخل المنظومة التعليمية.
ويظل الملف مفتوحا أمام الجهات المختصة، خصوصا مع اتساع نطاق المطالبة وإجماع العاملين على ضرورة مراجعة القرار بما يضمن الاستقرار المهني وتحسين بيئة العمل داخل المدارس، باعتبار أن نجاح العملية التعليمية يعتمد على تكامل الأدوار لا على التمييز بينها.
