بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

70 ساعة عذاب.. تكتب نهاية "ملك" على يد زوجة الأب بالمنيا

مديرية أمن المنيا
مديرية أمن المنيا

 في مدينة سمالوط الهادئة شمال محافظة المنيا، لم تكن النهاية مجرد خبر مأساوي عابر، بل كانت الفصل الأكثر قسوة في رواية عائلية يغلفها الانفصال والانتقام، قصة "مَلَك"، الطالبة ذات الخمسة عشر ربيعًا، التي تحولت شقتها السكنية من مأوى إلى زنزانة، في جريمة هزّت المجتمع المنياوى كله، وكشفت عن عمق الشر الكامن خلف أبواب المنازل المغلقة.

- 70 ساعة من العذاب... وصراخ حبيس:

 ​لثلاثة أيام كاملة، صرخت "ملك" خلف الجدران، صرخات استغاثة لم تجد أذنًا صاغية لقلب رحيم يحرر جسدها النحيف من العذاب ويعطف عليها بــ“كسرة خبز" أو جرعة ماء، ولا يدًا تمتد لإنقاذها، أكثر من 70 ساعة من التعذيب الوحشي حتى ضاع صوتها من الصراخ والبكاء عاشتها الطفلة البريئة "ملك "على يد من أوكل لها والدها رعايتها: زوجته الثانية، "أسماء. خ"، البالغة من العمر 35 عامًا.

 

​ كانت ملك تحلم بالغد، مثل أي فتاة في مثل عمرها، لكن أحلامها، تبددت تحت وطأة القسوة في شقة بشارع مدرسة البوسطة بسمالوط،  لقد كانت النهاية مروعة، جثة طفلة عليها آثار حرق وتعذيب وخنق تلفظ "ملك"، أنفاسها الأخيرة، لتضع مسمار في نعش ضمير الإنسانية الذي كرمه رب العزة على جميع المخلوقات، هذا المشهد المأساوي دفع الأجهزة الأمنية للتحرك الفوري.

- خيوط الجريمة والإنتقام:

 ​تلقى اللواء حاتم حسن، مساعد وزير الداخلية لأمن المنيا، إخطارًا بالواقعة، ومع انتقال الرائد محمد أبو العزايم، رئيس مباحث المركز، ومعاونه النقيب محمد غلاب، إلى موقع الجريمة، بدأت تتكشف التفاصيل المؤلمة مع سير التحقيقات، الخلافات الأسرية كانت الوقود لهذه المأساة ، والد ملك، الذي يعمل خارج البلاد، كان قد انفصل عن أمها منذ أكثر منذ ست سنوات ، بسبب خلافات حول الإنجاب، وغادرت الأم مسكن الزوجية في السعودية عائدة إلى مسقط رأسها بقرية التوفيقية، ومنذ ذلك الحين، فُصلت ملك وشقيقتها "ياسمين" عن أمهما.

- سر القسوة: رغبة في حضن الأم:

 ​في شهادات أفراد الأسرة، كُشف الستار عن السبب الجوهري وراء حبس ملك وتعذيبها، كانت الطفلة تتوق لرؤية أمها، وهو أمر كان والدها يمنعه بشدة، قاصدًا "الحرمان من الرؤية"، وبحسب أقوال الشهود والجيران والأقارب، وصلت التعليمات القاسية من الأب إلى زوجته الثانية: "احبسيها من أجل التأديب"، تحولت هذه العبارة إلى حكم بالإعدام البطيء، حيث لم تكتفِ زوجة الأب بالحرمان، بل مارست أقصى درجات العنف دون رحمة حتى فارقت "ملك" الحياة.

- القصاص العاجل: العدالة تتحرك:

 ​لم تتردد النيابة العامة بمركز سمالوط، تحت إشراف المستشار المحامي العام لنيابات شمال المنيا، في التحرك، تم تجديد حبس المتهمة "أسماء. خ" 15 يومًا على ذمة التحقيقات، كما صدر قرار بعرض جثمان الطفلة على الطب الشرعي لإجراء الصفة التشريحية، قبل التصريح بدفن الجثمان وتحرير المحضر اللازم.

 

 ​وفيما يطالب الدكتور ياسر سيد، خال الطفلة، بـ "توقيع أقصى العقوبة على المتهمة والقصاص العاجل"، يبقى السؤال معلقًا ومؤلمًا في ضمير المجتمع: كيف وصلت القسوة إلى هذا الحد الشنيع لتزهق روح طفلة بريئة، تحوّل منزلها إلى سجن، لأنها فقط اشتاقت لحضن أمها؟

 

 ​مأساة "ملك" ستظل وصمة عار في جبين ضمير الإنسانية ، تدعو إلى التوقف والتأمل في هشاشة العلاقات الأسرية، وعواقب الانتقام الذي لا يعرف الرحمة ، وتثبت دون أدنى شك غياب مؤسسات المجتمع المدني عن دورة الاجتماعي ومعالجة التفكك الأسري، وغياب الوازع الديني الذي حرم في الكتب السماوية، التعذيب على الحيوان قبل الإنسان.