بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

دواء شائع لضغط الدم قد يحد من نمو أورام الدماغ الخبيثة

بوابة الوفد الإلكترونية

تمكن فريق من العلماء بقيادة جامعة بنسلفانيا من كشف حقائق مهمة مرتبطة بآلية عمل "هيدرالازين"، أحد أقدم علاجات ارتفاع ضغط الدم والذي يعد دواء أساسيًا لمعالجة تسمم الحمل.

متتخضش.. ورم الدماغ لا يعنى دائماً أنك مصاب بالسرطان - اليوم السابع

طوال سبعة عقود، استُخدم "هيدرالازين" على نطاق واسع كعلاج لضغط الدم المرتفع، خصوصًا في حالات تسمم الحمل، وهي حالة مرضية خطرة تظهر عادة بعد الأسبوع العشرين من الحمل وتتميز بارتفاع ضغط الدم ووجود بروتين في البول، مما يشكل تهديدًا على حياة الأم والجنين. رغم شهرته واستخدامه الكبير، ظل الغموض يكتنف كيفية عمله الجزيئية، وهو ما أعاق فرص تحسين فعاليته وسلامته وتوسيعه لاستخدامات علاجية أخرى.

لكن في دراسة حديثة، توصل الباحثون إلى أن دور "هيدرالازين" لا يقتصر على خفض ضغط الدم، بل يمتد كذلك إلى إبطاء نمو أنواع معينة من الأورام الدماغية شديدة العدوانية، هذا الاكتشاف يمهد الطريق لفهم استخدامات جديدة للأدوية القديمة في مجالات طبية غير مألوفة.

يشير الدكتور كيوسوكي شيشيكورا، الباحث في جامعة بنسلفانيا، إلى أن "هيدرالازين" كان من أولى الأدوية التي طُورت كموسعات للأوعية الدموية وما زال العلاج الأول لتسمم الحمل، وهو اضطراب شديد يتسبب في معدل وفيات مرتفع بين الأمهات عالميًا. كما يؤكد أن اللغز المتعلق بآليته الجزيئية ظل غامضًا حتى وقت قريب. لكن الآن، تمكن الفريق من كشف سر هذه الآلية.

من حيث طريقة عمل "هيدرالازين"، وجد الباحثون أنه يمنع نشاط إنزيم يُعرف بـ"2-أمينوإيثانيثيول ديوكسيغيناز" (ADO)، المسؤول عن استشعار مستويات الأكسجين في الأنسجة. يلعب هذا الإنزيم دور "جهاز إنذار" في الأوعية الدموية، حيث يحفزها للتقلص عند نقص الأكسجين. بحسب الباحثة ميغان ماثيوز من جامعة بنسلفانيا، فإن إنزيم ADO يتفاعل بسرعة كبيرة مقارنة بمعظم العمليات البيولوجية الأخرى، إذ يعمل كجرس إنذار حيوي.

عبر تثبيط هذا الإنزيم، يعطّل "هيدرالازين" إشارات نقص الأكسجين. وهذا يؤدي إلى استقرار البروتينات التي تتفكك عادةً بواسطة الإنزيم، ما يقلل بدوره مستويات الكالسيوم داخل الخلايا ويخفف توتر جدران الأوعية الدموية. كنتيجة، تسترخي العضلات الملساء في الأوعية، مما يؤدي إلى توسيعها وخفض ضغط الدم.

أما بخصوص علاقة "هيدرالازين" بعلاج أورام الدماغ، فقد تكشف لدى العلماء أن إنزيم ADO قد يكون مرتبطًا بتطور بعض الأورام السرطانية، مثل الورم الأرومي الدبقي الذي ينمو في بيئات منخفضة الأكسجين حيث أظهرت الأبحاث أن ارتفاع مستوى هذا الإنزيم ومنتجاته يمكن أن يزيد من شدة المرض، وبالتالي فإن تثبيط نشاطه قد يفتح بابًا جديدًا لعلاج هذه الأمراض.

وفي إطار اختبار هذه الفرضية، تعاون شيشيكورا وفريقه مع خبراء آخرين من جامعة تكساس بهدف دراسة ارتباط "هيدرالازين" بإنزيم ADO باستخدام تقنيات متطورة مثل التصوير البلوري بالأشعة السينية. النتائج أظهرت أن وظيفة الإنزيم لا تقتصر على تنظيم انقباض الأوعية الدموية فقط، بل تشمل أيضًا دعم خلايا الأورام للبقاء في بيئات تعاني نقصًا شديدًا في الأكسجين.

بخلاف العلاج الكيميائي المكثف الذي يستهدف تدمير الخلايا السرطانية مباشرة، يعمل "هيدرالازين" بطريقة مختلفة تمامًا. فهو يعطل نظام استشعار الأكسجين الخاص بالخلايا السرطانية، مما يؤدي إلى إدخالها في حالة "شيخوخة" تجعلها عاجزة عن الانقسام أو النمو دون إثارة مقاومة أو التهابات.

في الوقت الراهن، يركز الباحثون على تطوير مثبطات أكثر تخصصًا لإنزيم ADO بحيث تستهدف فقط أنسجة الأورام وتحافظ على سلامة الخلايا السليمة. كما يسعون لضمان كفاءة الدواء الجديدة وتعزيزه بحيث يكون قادرًا على عبور الحاجز الدموي الدماغي وبالتالي تحسين تأثيراته العلاجية على أورام الدماغ.