هَذَا رَأْيِى
«دولة التلاوة»
«وفى ذلك فليتنافس المتنافسون»..ما أحلى وما أجمل أن نعيش فى رحاب الله وعلى مأدبة الله، نسمع أصواتًا ندية تخرج من حناجر ذهبية تتلو كتاب الله وتعيدنا إلى العصر الذهبى لدولة التلاوة التى قيل فى حقها «نزل القرآن فى مكة وطُبع فى إسطنبول ويقُرأ فى مصر».. على مدار حلقتين يومى الجمعة والسبت الموافق ١٤ و١٥ من شهر نوفمبر الجارى استمتعنا ببرنامج لا نستطيع إلا أن نضعه فى قائمة البرامج الهادفة التى تحيى مدرسة من المدارس المصرية التى غطت سماء العالم منذ نهاية القرن التاسع عشر وهى مدرسة التلاوة المصرية.. هذا البرنامج الذى يقدم بالاشتراك بين وزارة الأوقاف التى على رأسها قامة كبيرة من قامات الأزهر الشريف وهو الدكتور أسامة الأزهرى وبين الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية برنامج يعيد إحياء أمجاد القراء المصريين وتعزيز مكانة مصر الرائدة كمنارة للتلاوة القرآنية الأصيلة.. نعم استمتعنا على مدار حلقتين بعدد من المشاركين فى المسابقة التى رصُد لها ٣.٥ مليون جنيه للفائزين، بالإضافة إلى حوافز تشجيعية لهم.
فسوف يسجّل الفائزون الأوائل المصحف كاملًا بصوتهم ويُذاع على قناة «مصر قرآن كريم» علاوة على إمامة صلاة التراويح فى مسجد الإمام الحسين فى شهر رمضان القادم..
بقدر استمتاعنا بأصوات المتسابقين كان استمتاعنا أيضًا بتوجيهات وملاحظات لجنة التحكيم التى كان وزير الأوقاف حاضرًا فى حلقتها الأولى ليضفى اهتمامًا وتقديرًا للمسابقة وليؤكد لنا أنها ليست مسابقة للتلاوة وحسب وإنما هى مناسبة عرفت الجمهور بأن هناك علمًا للتجويد والترتيل والمقامات، فضلًا عن الخواطر الإيمانية حول الآيات.. برنامج «دولة التلاوة» أحيا مدرسة التلاوة المصرية ويكشف لنا من جديد عن المواهب المصرية فى ربوع البلاد التى مَن الله عليها بحلاوة الصوت وجماله والإلمام بالمقامات الموسيقية، مع الحفاظ على قواعد التجويد والترتيل.. برنامج «دولة التلاوة» يعيد لنا وللعالم العصر الذهبى لرواد وعمالقة التلاوة أمثال الشيخ أحمد ندا الذى يعد الأب الروحى والمؤسس الأول لدولة التلاوة المصرية، والشيخ محمد رفعت، الذى عُرف بـ«قيثارة السماء» وأصبح رمزًا للتلاوة المؤثرة والمليئة بالخشوع، والشيخ مصطفى إسماعيل صاحب النفس الطويل والتصوير النغمى المعجز، والشيخ عبدالباسط عبدالصمد صاحب الحنجرة الذهبية، والشيخ محمود خليل الحصرى شيخ عموم المقارئ، والمشهور بدقة أحكام التجويد وإتقانها، والشيخ محمد صديق المنشاوى المعروف بالخشوع والقدرة الفائقة على التأثير الروحى، والشيخ محمد محمود الطبلاوى نقيب القرأ وصاحب الصوت الفريد، هؤلاء القراء وغيرهم كانوا القوة الناعمة لمصر، وكانوا سفراء مصر حول العالم العربى والإسلامى لنشر الثقافة القرآنية.. نتمنى من القائمين على البرنامج أن تكون هناك مسابقة منفصلة لأولادنا الصغار حتى لا يظلموا بالتنافس مع الكبار الذين لديهم خبرة أكبر، ولهم دراسات أكثر فى القراءات ومقامات الصوت.. كل الشكر لصاحب الفكرة، ولوزارة الأوقاف، والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، ولأعضاء لجنة التحكيم الشيخ حسن عبدالنبى وكيل لجنة مراجعة المصحف الشريف فى الأزهر الشريف، والدكتور طه عبدالوهاب خبير الأصوات والمقامات فى التلاوة، والقارئ الشيخ طه النعمانى أحد كبار قراء الرعيل الحالى، والمعروف بجمال صوته وأدائه المتقن، والداعية مصطفى حسنى داعية إسلامى وإعلامى له جمهوره ومحبوه فى مصر وحول العالم العربى والإسلامى، والشكر لمقدمة البرنامج الإعلامية آيه عبدالرحمن المذيعة بقناة "إكسترا نيوز"، والشكر لباقى الجنود المجهولين خلف الكاميرات، وكل الشكر لكل من يقدم عملًا نبيلًا ينفع الناس دنيا ودين، وخلصت نيته لله تعالى فيه، مصداقًا لقول الله تعالى «فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى الْأَرْضِ».
[email protected]