تحرّك الآن.. العالم يواجه أخطر تهديد صحي صامت
اسبوع التوعية العالمي بمقاومة مضادات الميكروبات 2025 يسلط الضوء هذا العام على تصاعد مخاطر مقاومة المضادات باعتبارها أحد أكبر التهديدات لصحة الإنسان وسلامة الغذاء والبيئة. فالمشكلة لم تعد تحديًا مستقبليًا بل واقعًا حاضرًا يتفاقم مع ازدياد الإصابات المقاومة للأدوية في وقت لا يزال الوعي والاستثمار والإجراءات المتخذة أقل من مستوى التهديد.
ويدعو شعار هذا العام "تحرّك الآن: لنحمي حاضرنا ونؤمّن مستقبلنا" إلى تحويل التعهدات إلى خطوات عملية تعزز أنظمة الترصد والاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية وتضمن الوصول العادل إلى الأدوية واللقاحات والتشخيصات، إضافة إلى تعزيز إجراءات الوقاية من العدوى ومكافحتها وفق نهج الصحة الواحدة
وتشير بيانات نظام الترصد العالمي لمقاومة مضادات الميكروبات واستخدامها "جلاس" إلى تحديات خطيرة في إقليم شرق المتوسط، إذ أظهرت أن نحو ثلث الإصابات البكتيرية عام 2023 كانت مقاومة للمضادات، وهو من أعلى المعدلات العالمية. كما سجلت مقاومة بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين في حالات تجرثم الدم نسبة بلغت 50.3 في المائة وهي الأعلى بين أقاليم منظمة الصحة العالمية.
وبلغت مقاومة بكتيريا الأسينيتوباكتر لعقار الإيميبينيم وهو من الخيارات العلاجية الأخيرة 66.5 في المائة مع معدل زيادة سنوي وصل إلى 11.3 في المائة، كما وصلت مقاومة السالمونيلا للسيفترياكسون إلى 56.9 في المائة وهي أيضًا الأعلى عالميًا.
ورغم خطورة هذه الأرقام تظهر البيانات بعض التقدم في مجال الترصد، إذ إن جميع دول وأقاليم المنطقة أبلغت عن بيانات مقاومة مضادات الميكروبات منذ عام 2016، كما سجلت أقل نسبة عالميًا لمقاومة الشيغيلا للأزيثروميسين عند 1.2 في المائة، وانخفاضًا سنويًا في مقاومة الكلبسيلا للنسبة البالغة 5.2 في المائة.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن سوء استخدام المضادات الحيوية هو العامل الأكبر وراء تفاقم المقاومة، إذ سجل إقليم شرق المتوسط وجنوب شرق آسيا أعلى معدلات لاستهلاك المضادات عالميًا بواقع 23 جرعة يومية محددة لكل ألف شخص يوميًا.
وبالرغم من أن 58 في المائة من البلدان عالميًا حققت هدف 2023 الذي يقضي بأن تشكل مضادات فئة "Access" 60 في المائة من إجمالي الاستهلاك، فإن أربع دول فقط من أصل تسع في الإقليم حققت هذا الهدف، في حين كانت تونس الدولة الوحيدة التي حققت هدف 2030 البالغ 70 في المائة.
وتشدد المنظمة على أن مواجهة مقاومة مضادات الميكروبات مسؤولية جماعية تشمل العاملين الصحيين الذين يُطلب منهم وصف المضادات بحكمة وتوعية المرضى، وصناع القرار المطالبين بتمويل البرامج وتنفيذ التشريعات المنظمة للاستخدام الرشيد، والمزارعين الذين ينبغي أن يتبنوا ممارسات تقلل الاعتماد على المضادات، والصناعات التي يتعين عليها تحسين إدارة النفايات، والإعلام الذي يؤدي دورًا محوريًا في نشر المعلومات الدقيقة.
كما توصي الأفراد بالحفاظ على النظافة الشخصية، والالتزام بالتطعيمات، وعدم استخدام المضادات إلا بوصفة طبية.
وأكدت الدكتورة حنان بلخي المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط أن شعار هذا العام يذكّر الجميع بالمسؤولية المشتركة في حماية الحاضر والمستقبل، داعية إلى تحويل الالتزامات السياسية إلى إجراءات ملموسة من خلال ضمان المياه النظيفة وممارسات النظافة في جميع المرافق، والاستخدام الرشيد للمضادات، والاستثمار في الابتكار، وتعزيز الأنظمة الصحية، وتطبيق نهج الصحة الواحدة.
وأوضحت أن مقاومة مضادات الميكروبات تهديد عالمي يتطلب استجابة عالمية، مشددة على أن العمل المشترك قادر على حماية الأرواح وضمان فعالية العلاجات والحفاظ على صحة الإنسان والبيئة للأجيال المقبلة.