بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

شبكة إسرائيلية تدير مخطط التهجير الناعم من غزة

بوابة الوفد الإلكترونية

تواصل حكومة الاحتلال الصهيونى مخطط التهجير الناعم للفلسطينيين من قطاع غزة، عبر وسطاء داعمين لسياستها لطرد أصحاب الأرض بعد عامين من الإبادة الجماعية التى أسفرت عن استشهاد وإصابة وفقد أكثر من 250 ألف فلسطينى منذ طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر 2023. 

وكشف تحقيق لصحيفة «هآارتس» العبرية عن منظمة تحمل اسم «المجد» يقودها إسرائيلى يحمل جنسية إستونية، تقف خلف رحلات تهجير لفلسطينيين من غزة، أبرزها الرحلة المثيرة للجدل التى وصلت جنوب أفريقيا وعلى متنها 153 شخصا.

وأكدت «هآارتس» أن المنظمة تقدم نفسها كجهة إنسانية تساعد المجتمعات المسلمة فى مناطق النزاع إلا أن الصحيفة أكدت أن هذه الصورة «وهمية»، وأن مؤسسها «تومر جانار ليند» يدير شبكة سفر غامضة لا علاقة لها بأى نشاط إغاثى.

أوضح التحقيق أن «مكتب الهجرة الطوعية» التابع لحكومة الاحتلال أحال نشاط المنظمة إلى وحدة «المنسق»، لتنسيق عمليات خروج الفلسطينيين ضمن ما وصفته الصحيفة بعملية «تهجير ناعم» يجرى توسيعها.

ورغم ادعاء «المجد» أنها تأسست عام 2010 فى ألمانيا وتمتلك مكاتب فى الشيخ جراح، تبين عدم وجود أى سجل رسمى باسمها، وأن موقعها أُنشئ مطلع العام فقط، بينما الروابط الموجودة فيه غير فعالة.

ويظهر فى الموقع شعار شركة إستونية تدعى «تالنت غلوبس»، التى تبين أنها أنشئت قبل عام واحد فقط على يد «ليند» نفسه، وتقدم خدمات الهجرة عبر رحلات جماعية منظمة.

وكشفت السجلات البريطانية عن أن «ليند» أسس أربع شركات خلال السنوات الماضية، أغلبها انتهى نشاطه، مع إشارات إلى تأسيس شركة جديدة فى احدى الدول بالمنطقة برقم هاتف غير صحيح ولا يقود إليه.

وقالت الصحيفة العبرية إنها تواصلت مع «ليند»، فاعترف بأنه جزء من ترتيبات الرحلات، لكنه امتنع عن كشف الجهة الحقيقية التى تمول وتدير المشروع خلف الستار.

وتلقت المنظمة بيانات مئات الفلسطينيين عبر موقعها، ثم طالبت كل متقدم بتحويل مبلغ يتراوح بين 1500 و2700 دولار، قبل ضمه إلى مجموعة «واتساب» يتم من خلالها تحديد موعد المغادرة.

وبحسب التحقيق، غادرت أول مجموعة فى مايو الماضى، نحو بودابست ثم إندونيسيا وماليزيا، بينما توجهت مجموعة ثانية فى أكتوبر الماضى إلى نيروبى ومنها إلى جوهانسبرج حيث سمح لهم بالدخول بسهولة.

ونشر بعض أفراد المجموعة الثانية صوراً على مواقع التواصل توثق رحلتهم من غزة حتى استقرارهم فى جنوب إفريقيا، ما أثار أسئلة حول طبيعة هذه الشبكة.

وكشف مصدر أمنى إسرائيلى للصحيفة عن أن جهاز «الشاباك» أصبح يرفض عددا قليلاً فقط من طلبات المغادرة، مقارنة بالسنوات السابقة التى كان فيها الرفض شبه شامل.

وقالت وحدة «المنسق» إن الرحلات تتم بالتنسيق مع حكومات تستقبل المغادرين، وإن بعضها ينظم عبر جهات ثالثة، بينما نفت جنوب إفريقيا تلقى أى إشعارات مسبقة بخصوص رحلة الخميس الماضى.

وأكدت شركة الطيران الرومانية أن حجوزات الرحلتين تمت عبر وكيل سفر إسرائيلى، وليس مباشرة مع أى منظمة غير حكومية، وأنها حصلت على الموافقات الكينية لنقل المسافرين.

وأعرب وزير خارجية جنوب إفريقيا «رونالد لامولا» عن «ارتياب» بلاده بعد وصول 153 فلسطينيا على متن طائرة من غزة الأسبوع الماضى، معتبرا أن الخطوة تدل على «أجندة واضحة لتطهير غزة والضفة المحتلة من الفلسطينيين».

وقال الوزير «نشعر بالارتياب كحكومة جنوب إفريقيا حيال الظروف المحيطة بوصول الطائرة» وأعلنت حكومته فتح تحقيق فى طريقة وصول المجموعة الأخيرة، مؤكدة أن دخولهم جاء بدافع إنسانى بينما يجرى فحص التفاصيل المتعلقة بوضعهم القانونى.

وأوضحت وزارة الداخلية الجنوب إفريقية أن الفلسطينيين تعرضوا للاحتيال من جهة غير مسجلة أخذت أموالهم ثم تخلت عنهم، بعد نقلهم أولاً إلى نيروبى قبل إرسالهم إلى جوهانسبرج بلا وثائق.

وغادر نحو 40 ألف فلسطينى القطاع وفق تقديرات إسرائيلية، منذ بدء حرب الإبادة عام 2023، فى ظل تصريحات إسرائيلية متكررة تدعو إلى «تشجيع» أهالى غزة على المغادرة بلا عودة.

وأثار تحقيق «هآارتس» حالة غضب فلسطينية واسعة واعتبرت جهات سياسية وحقوقية أن القضية تتجاوز كونها رحلات مدنية لتصطدم بأسئلة أكبر حول التهجير القسرى والضغط الإنسانى على الأهالى، فى ظل الحرب والدمار وانهيار الحياة فى القطاع.

واعتبرت الأوساط الفلسطينية ما يجرى يشكل جزءا من مخطط يستهدف تفريغ غزة، ويمهد لفرض وصاية دولية على الشعب الفلسطينى، وتهميش حقه فى تقرير مصيره، داعين إلى أعلى درجات الحذر والتصدى لهذه التحركات التى تأتى فى سياق بالغ التعقيد.

وأكد أمين عام حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية «مصطفى البرغوثى»، إن منظمة «المجد» تمثل آلية احتيال ممنهجة تستهدف الفلسطينيين فى غزة، مؤكدا أن نشاطها يشكل جزءا من مخطط التطهير العرقى التدريجى للقطاع. وأضاف أن الهدف هو ترحيل الفلسطينيين ومنعهم من العودة، بعد فشل التطهير العرقى المباشر عبر الحرب والدمار.