مفاجأة تاريخية.. زيدان يكشف تأثير مدير المكتبة على الحاكم بأمر الله
كشف الكاتب الكبير والروائي الدكتور يوسف زيدان، عن جوانب مضيئة وغير تقليدية في فترة حكم الحاكم بأمر الله الفاطمي، التي شهدت استقرارًا غير مسبوق، مؤكدًا أن تلك الفترة لم تشهد احتكارًا ولا وباء ولا غلاء قاحل.
وسلط “زيدان”، خلال لقائه مع الإعلامي عمرو حافظ، ببرنامج “كل الكلام”، المذاع على قناة “الشمس”، الضوء على القيمة الحقيقية للتراث الفاطمي، والتي تتمثل في احترام العلم والمعرفة، ضارباً مثالاً بـ"دار الحكمة" في القاهرة.
وروى الدكتور يوسف زيدان قصة تاريخية تُبرز مدى احترام الحاكم الفاطمي للعلم والقوانين المؤسسية، وهي قصة لا يمكن تصور حدوثها في أي نظام حكم استبدادي، حيث طلب الحاكم بأمر الله كتابًا معينًا للقراءة من دار الحكمة التي أسسها بنفسه، ورد عليه مدير المكتبة (قَيِّم المكتبة) بأن الكتاب: "وقف مشروط بعدم خروج الكتاب" من جدران المكتبة، وبدلاً من البطش، ذهب الحاكم بنفسه ليقرأ الكتاب داخل المكتبة، احترامًا لإرادة أو لمشيئة أو لرغبة الواقف، معقبًا: “تخيل لو واحد من الشاوشية اللي حكموا البلاد العربية قال له مدير المكتبة كلمة زي دي؟، ده كان يقتله هو وعيلته.. دكة الحاكم فضلت زمن طويل تذكر بأنه في حاكم رضخ لواحد أوقف مكتبته”.
وأكد أن الحاكم بأمر الله كان يتمتع بثراء فاحش وسلطة مطلقة، لكنه وجهها لخدمة العلم، مستشهدًا بقصة الحسن بن الهيثم (رائد علم البصريات)، حيث قرأ الحاكم رسالة كتبها ابن الهيثم، الذي كان مضطرًا لإدعاء الجنون في جنوب العراق للنجاة بنفسه، ذكر ابن الهيثم في رسالته: "لو كنت بمصر لصنعت على نيلها عملاً يحصل به النفع"، وأرسل الحاكم في طلب ابن الهيثم واستقبله خارج سور القاهرة وأمره بالتنفيذ، وواجه ابن الهيثم صعوبات تنفيذية في بناء سد على النيل بسبب تداخل المناطق السياسية مع منطقة النوبة (قبل تعيين وزير فاطمي عليها)، وبدلاً من معاقبته لعدم إتمام المشروع، لم يبطش الحاكم بابن الهيثم، بل وظفه في "دار الطراز" للملابس والمصروفات، وخلال فترة عمله في القاهرة، وتحديداً في بيت بسيط في جوار الجامع الأزهر، كتب ابن الهيثم مؤلفات غيرت تاريخ العلم كله، وكتب ابن الهيثم في 30 عامًا علم البصريات، واخترع الكاميرا، ووضع أسس قياس المسافات والنجوم.
واختتم قائلا: "هو ده تراثنا ده، اللي المفروض نتباهى بيه"، مشيرًا إلى أن التاريخ الحقيقي يحوي قصصًا عن الحكم الرشيد واحترام العلم.