القائم بأعمال العضو المنتدب لشركة «ثمار» لتداول الأوراق المالية والوساطة فى السندات
هشام كرم : تحويلات المصريين بالخارج صمام أمان الاقتصاد
أن تصل إلى أفضل نسخة من نفسك لا يعنى أن تصبح بلا أخطاء، بل تصبح إنسانا يعرف كيف ينهض فى كل مرة يسقط فيها، يعرف أن الألم معلّم صامت، وأن التعثر ليس بابا مغلقا بل طريق آخر لم يكن ليراه لولا تعثره.. أفضل نسخة لا تظهر فجأة، بل تتشكل على مهل، مع كل تجربة، مع كل درس فهمته بعد ألم، وكل مطب جعلك أكثر صدقًا مع نفسك.. فأجمل ما فيك، ليس ما وصلت إليه، بل ما تواصل السعى نحوه.. وكذلك محدثى وثق أنه يمتلك ما يكفى ليشق طريقه، وأنه ليس بحاجة إلى تصفيق أحد ليواصل السير نحو القمة.
الطريق ليس ممهدا بالورد، إنه درب ملىء بالمنعطفات، وفى كل منعطف، تكتشف شيئا جديدا عن نفسك موهبة تنساها، أو حلما دفنته تحت غبار الخوف، فكلما مضيت خطوة إلى الأمام، اقتربت من الإنسان الذى وجدت لتكونه.. وعلى هذا الحال كانت مسيرة الرجل منذ الصبا.
هشام كرم القائم بأعمال العضو المنتدب لشركة المصرية العربية «ثمار» لتداول الأوراق المالية والوساطة فى السندات.. يرسم لوحة نجاح لا تعرف العشوائية، تميزه يضعه فى صدارة الساعين، قدرته على العطاء تمنحه حب الآخرين، صعوده المتدرّج يصنع له الفارق دائما.
فى قلب الحى الهادئ، ذلك الركن الذى لم يتخيله مهندسه يومًا أن يصير بعد أعوام واحة من السكينة وسط ضجيج المدينة، فى أحد شوارعه التى تتحدث بلغة الصمت، وضمن منطقةٍ صممت كأنما بريشة فنانٍ مغرمٍ بالتناسق، تتجاور المبانى الحديثة مع الأشجار الوارفة ونباتات الزينة التى تهمس للحجر بحكايات الخضرة.
فى الطابق العاشر من إحدى تلك البنايات الراقية، تنفتح أمام الداخلين لوحةٌ من الطبيعة المصغرة؛ مساحةٌ خضراء تتدلّى فيها الزهور، عند المدخل، تتراقص درجات اللون السكرى على الجدران، تتكامل معها لمسات ديكورية بسيطة، وورق حائط بنقوش أنيقة، تتخلله تحف نحاسية ومجسّمات تنطق بالقوة والهيبة.
فى نهاية الممر، ركن يسكنه الجمال الصامت، تكتنفه رفوف تعج بالكتب والروايات والمجلدات؛ كأنها ملامح من روحه الممتدة فى الحبر والورق.. مكتب بسيط، لكنه يغلى بالحكايات على سطحه قصاصات متناثرة خلفها دفترٌ عتيق، ليس مجرد سجلٍ للأيام، بل أجندة ذكرياتٍ تشهد على رحلةٍ طويلةٍ من الكفاح والمثابرة.
صفحاتُه لا تروى الوقائع فحسب، بل تُدرّس معنى أن تنهض بعد كل سقوط، أن تؤمن أن الإرادة تصنع مصيرها، وأن الأمل حين يقطن القلب لا يعرف الاستسلام. إنها ملحمة إنسان صنع من صمته إنجازًا، ومن سكون حيّه الهادئ سيمفونية حياة.
حكيمٌ فى تحليله للمشهد الاقتصادى، يقرأ التفاصيل بعينٍ خبيرةٍ ترى ما وراء الأرقام، تجاربُه المتراكمة صاغت له اتزانًا فكريًا فريدًا، ورؤيةً نافذة.. يقول: «إن الاقتصاد الوطنى اجتاز عواصف عنيفة، وواجه أحداثًا عصفت بوتيرة انطلاقته وأبطأت مساره، غير أنّ الإصلاحات الحكومية استطاعت أن تمسك بدفّة الاستقرار النقدى، فاستعاد سعر الصرف توازنه مدعومًا بتدفّق تحويلات المصريين العاملين فى الخارج، وبالتوازى مع تعافى قطاع السياحة ونمو إيراداته، اللذين شكّلا رافعةً أساسية لمرحلة الانتعاش الأولى للاقتصاد».. إلا أنّ الرياح الجيوسياسية بحسب تحليله لم تهدأ، فامتدّت آثارها إلى البحر الأحمر، وأثّرت سلبًا فى حركة التجارة العالمية، الأمر الذى انعكس على إيرادات قناة السويس التى شهدت تراجعًا ملحوظًا، لتؤكد الأحداث مجددًا أن الاقتصاد، مهما بلغ من صلابة، يظلّ كالسفينة فى بحرٍ متقلّب، تتناوبها الأمواج ما بين مد وانتعاش، وجزرٍ وتحديات.
< لكن هل لا يزال الاقتصاد يواجه تحديات داخلية؟
- بثقةٍ هادئةٍ ورؤيةٍ تنبض بالوعى، يجيبنى قائلاً إنّ «ملف الاقتصاد لا يزال يواجه عقبات جوهرية، فى مقدمتها سعر الصرف ومعدلات التضخم، فبرغم التحسن النسبى فى بعض المؤشرات، إلا أنّ كليهما ما زال يشكّل عائقًا حقيقيًا أمام انطلاقة الاقتصاد».
ثم واصل حديثه إنّ «ارتفاع حجم الدين الخارجى أصبح صداعًا متجددًا فى رأس الاقتصاد الوطنى، يحتاج إلى علاجٍ عاجلٍ وجاد، لما يمثّله من ضغطٍ ثقيلٍ على مسار النمو والاستقرار المالى».
بنبرةٍ هادئةٍ يغلّفها الاتزان، ويتّسع فيها أفق الرؤية، يتحدث عن ملامح المرحلة المقبلة من الاقتصاد بتفاؤلٍ بحذر، مدركًا أن طريق الإصلاح طويل، لكنه واعد، حيث يرى أن الإجراءات الإصلاحية التى تنتهجها الحكومة بدأت تؤتى ثمارها تدريجيًا، إذ تسهم فى تحسين التصنيف الائتمانى للاقتصاد الوطنى، وتفتح المجال أمام تعزيز قيم الصادرات وتوسيع مسارها نحو أسواقٍ جديدة، والاستفادة من المواد الخام، فينعكس ذلك إيجابًا على تدفّق العملة الصعبة، ويمنح الجنيه المصرى مزيدًا من القوة والقدرة على الصمود أمام التحديات.
يخطط باحترافيةٍ عالية، ينسج خطواته بدقة بنفس الإيمان يتناول ملف السياسة النقدية، إذ يؤكد أن أدواتها حققت نجاحًا ملموسًا فى احتواء معدلات التضخم، كما ساهمت فى الحفاظ على تدفقات الأموال الساخنة، التى لعبت دورًا محوريًا فى استقرار سعر الصرف بصورة مؤقتة. ويتضح ذلك حينما تخارج جزء كبير من هذه الأموال، مما أدى إلى أزمة مؤقتة نتيجة ندرة الدولار.
كما يشير إلى ملف الاقتراض الخارجى، معتبرًا أنه أحد التحديات الأساسية التى تسعى الحكومة للحد منها عبر استراتيجية مبتكرة تشمل بيع الأصول والتوسع فى الشراكات مع القطاع الخاص المحلى والأجنبى من خلال حق الانتفاع، فى خطوة تهدف إلى تخفيف الضغوط المالية وتحقيق استدامة أكبر لمصادر التمويل.
حصيلة طويلة من التجارب صقلت خبراته، ويبدو أثر ذلك فى حديثه عن السياسة المالية، إذ يراها منظومة تتسم بالمرونة والقدرة على التكيف، خاصة فى إدارة الضرائب، حيث تتيح تعزيز الحصيلة الضريبية واستقطاب ممولين جدد لدعم موارد الدولة.
وفى الوقت ذاته، تشير إلى أن عمليات التحفيز للإنتاج لم تُطبق بعد بالشكل الكافى، رغم أن تنفيذها كان من شأنه أن يخلق دفعة قوية فى الإنتاج الوطنى ويعزز نمو الاقتصاد بشكل ملحوظ، مؤكدًا أن الفرص موجودة، لكن الحاجة الآن لإرادة تنفيذية حقيقية واستراتيجية دقيقة، مع العمل أيضا على ضم الاقتصاد غير الرسمى إلى المنظومة الرسمية، مع العمل على تقديم تيسيرات، ودعم متكامل. والعمل على تسويق ودعم المنتجات.
< ما تقييمك للاستثمار الأجنبى المباشر؟
- على ملامحه ترتسم علامات حيرةٍ صامتة قبل أن يجيبنى بنبرةٍ تجمع بين الواقعية والقلق، قائلاً إنّ «الاستثمارات الأجنبية المباشرة ما زالت تعانى من الضعف، على عكس استثمارات المحافظ المالية أو ما يُعرف بالأموال الساخنة، التى تشهد ارتفاعات ملحوظة لكنها تظل مؤقتة بطبيعتها وسريعة التحرك».
ويضيف أن «المشروعات الإنتاجية الحقيقية تكاد تكون محدودة، وهو ما يستدعى جهودًا مضاعفة من الحكومة فى مجالات الترويج واستقطاب الكيانات الاستثمارية الكبرى، من خلال وضع خريطة استثمارية واضحة المعالم والأهداف، إلى جانب التوسع فى المناطق الاقتصادية ذات القوانين الخاصة، التى توفر بيئة أكثر جذبًا ومرونة».. مؤكدًا أن المستثمر المحلى يجب أن يظل فى قلب المعادلة، فهو الركيزة الأولى لأى نجاح اقتصادى حقيقى، والنقطة التى يبدأ منها جذب المستثمرين الأجانب، لأن الثقة تُبنى أولاً من الداخل.
رغم الجدل الدائر حول حجم ودور القطاع الخاص فى تحقيق النمو الاقتصادى والتنمية المستدامة، فإنّ محدثى يحمل رؤية مختلفة تنبع من قناعة راسخة، مفادها أن تمكين هذا القطاع لا يتحقق إلا عبر مزيد من الحوافز والدعم الموجه، إلى جانب ضمان منافسة عادلة وبيئة استثمارية متوازنة تتيح له القدرة على العمل بحرية وتحقيق مستهدفاته التنموية.. ففى رؤيته، القطاع الخاص ليس مجرد شريك فى التنمية، بل هو محركها الأساسى، وكل خطوة لدعمه هى استثمار فى مستقبل الاقتصاد الوطنى ذاته.
منظمٌ فى أفكاره، دقيقٌ فى طرحه، ويبدو ذلك حين يتحدث عن القطاعات القادرة على قيادة الاقتصاد الوطنى نحو النمو، يرى أن قطاع السياحة يتصدر القائمة، مدفوعًا بالزيادة الملحوظة فى أعداد السائحين، خاصة مع الزخم الذى أحدثه افتتاح المتحف المصرى الكبير، بما يحمله من قيمة حضارية ومكانة عالمية جاذبة، ويضع إلى جانبه قطاعى التشييد والبناء والعقارات، لما لهما من دور محورى فى تحريك السوق وتوليد فرص عمل واسعة، تسهم بدورها فى تحفيز النشاط الاقتصادى ودفع عجلة التنمية إلى الأمام.
< ما تقييمك لملف برنامج الطروحات الحكومية؟
- ترتسم على ملامحه علامات حيرة وتأمل قبل أن يجيبنى قائلاً إنّ «تأخر تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية يثير الكثير من علامات الاستفهام، خاصة بعد تجربة طرح المصرف المتحد التى لم تُكلل بالنجاح».. ويؤكد أنّ على الدولة الإسراع فى تفعيل هذا البرنامج دون إبطاء، لما يمثله من أهمية فى زيادة عمق السوق، ورفع كفاءة البورصة، والحد من المضاربات العشوائية.
ويضيف موضحًا أن السوق المحلى يعيش حالة عطش حقيقية لتلك الطروحات، التى يمكن أن تعيد إليه حيويته وجاذبيته الاستثمارية، مع ضرورة إعادة النظر فى ضريبة الأرباح الرأسمالية وحل إشكالياتها، وتشديد الرقابة على المتلاعبين بالسوق، لضمان بيئة استثمارية أكثر انضباطًا وعدالة.
قدرة استثنائية على تحويل التحديات إلى فرصٍ تثمر إنجازًا وتألقًا، وهذا ما منحه التميز والنجاحات المتتالية، يستهدف تحقيق 4 محاور من شأنها تعزز إيرادات الشركة، عبر زيادة قاعدة العملاء الأفراد والمؤسسات، وكذلك استقطاب عملاء فى مجال السندات، ورخصة تغطية الاكتتاب، مع العمل على التطوير المستمر
للبنية التكنولوجية.
رحلته لا تنتهى، لأن النفس مثل نهر لا يتوقف، وكذلك الرجل لا تتوقف عن السعى، يحث أولاده على خدمة الآخرين والسعى.. لكن يظل شغله الشاغل تعزيز ريادة الشركة فى السوق.. فهل يستطيع تحقيق ذلك؟