بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

طلب: دمج الاقتصاد غير الرسمي يبدأ من منصات إلكترونية ذكية وفاتورة رقمية موحدة

بوابة الوفد الإلكترونية

 في وقت تتسارع فيه التحولات الرقمية عالميًا، وتغزو التكنولوجيا المتقدمة مختلف القطاعات، جاء المؤتمر الاقتصادي السنوي التاسع للجمعية العلمية للتشريع الضريبي ليضع الإصلاح الضريبي في قلب النقاش حول مستقبل الاقتصاد المصري.

 فقد شهد المؤتمر عرض دراسة بحثية موسعة تحت عنوان "استراتيجية ضريبية داعمة للتنافسية والاستدامة"، قدّمها المستشار هاني طلب، الشريك التنفيذي بمكتب HT Accounting، تحت رعاية وزير المالية أحمد كجوك.

 الدراسة لم تُقارب النظام الضريبي من منظور تقليدي، بل اعتمدت نهجًا تكنولوجيًا بحتًا، ينظر إلى الضرائب باعتبارها جزءًا من المشهد الرقمي الأوسع، ويُعيد ربطها بمفاهيم الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي، والاستدامة، والحوكمة الرقمية، وهي عناصر أصبحت اليوم مكونات رئيسية لأي اقتصاد يحاول اللحاق بالثورة الصناعية الرابعة.

 وأوضح هاني طلب خلال عرضه أن السياسة الضريبية الحديثة لم تعد مجرد تشريعات، بل أنظمة رقمية متصلة تدعم قرارات الاستثمار والنمو وتدفع عجلة الاستدامة.

 وأشار إلى أن فعالية النظام الضريبي باتت تعتمد بشكل مباشر على مستوى تقدّم الدولة في التكنولوجيا، مؤكدًا أن أي اقتصاد غير قادر على رقمنة معاملاته لن يستطيع خلق بيئة أعمال تنافسية في عالم تُدار فيه البيانات بالذكاء الاصطناعي.

 ورغم ذلك، كشفت الدراسة عن فجوة لا تزال قائمة بين الطموحات التشريعية وبين القدرات الرقمية والتنفيذية للإدارة الضريبية، وهو ما ينعكس في عدة تحديات تقنية وإدارية تم رصدها، أبرزها،ةتعقيد التشريعات وغياب تكامل الأنظمة الإلكترونية، التعديلات المتكررة للقوانين دون تحديث رقمي متزامن يضمن سرعة التطبيق، بطء وتيرة التحول الرقمي في بعض قطاعات مصلحة الضرائب مقارنةً بسوق تكنولوجي سريع التطور، محدودية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في إدارة الملفات والفحص وتقدير المخاطر، استمرار اتساع الاقتصاد غير الرسمي رغم توفر أدوات رقمية يمكن أن تدمجه بسهولة لو استُخدمت بكفاءة.

 ومن هذا المنطلق، وضعت الدراسة استراتيجية ضريبية مستقبلية ترتكز على ثلاثة محاور، جاءت هذه المرة بروح أقرب إلى الخطط التقنية منها إلى الخطط التشريعية.

أولاً: تعزيز التنافسية عبر تبسيط المنظومة وتشغيلها رقميًا:

 يقترح هذا المحور دمج التشريعات المختلفة في قانون ضريبي موحّد مدعوم بمنصة إلكترونية ذكية تُفسّر القانون وتطبّقه تلقائيًا بهدف تقليل الأخطاء البشرية، وتشمل الرؤية تحويل الحوافز الاستثمارية إلى نظام رقمي يعتمد على تحليل البيانات لتحديد القطاعات الأكثر قدرة على تحقيق قيمة مضافة مثل التكنولوجيا والطاقة النظيفة.

 كما شددت الدراسة على ضرورة تحسين رحلة الممول عبر تبسيط الإجراءات، وربط المستثمرين بمنصات ضريبية توفر تقارير تحليلية وتفاعلية تساعدهم على اتخاذ قرارات مالية دقيقة.

ثانيًا: الاستدامة المالية والبيئية عبر التحول الرقمي:

 أوصت الدراسة بإدخال تقنيات رقمية أقوى لدمج الاقتصاد غير الرسمي، خصوصًا عبر التوسع في الفاتورة الإلكترونية والإيصال الإلكتروني وربطها ببرامج ذكية للتتبع والتحليل، كما توقعت الدراسة زيادة الاعتماد على الضرائب الخضراء الرقمية التي تُفرض على الأنشطة عالية الانبعاثات، مع منح حوافز للشركات التي تستخدم التكنولوجيا النظيفة أو تحظى بتصنيف بيئي متقدم.

 وأكدت الدراسة أن تنويع مصادر الإيرادات سيعتمد مستقبلاً بشكل وثيق على مشروعات التحول الرقمي التي تقلل الهدر وتحد من التهرب.

ثالثًا: الحوكمة والتحول الرقمي باستخدام الذكاء الاصطناعي:

 ركزت الدراسة على تطوير منصة ضريبية مركزية موحدة تشمل الإقرارات، الدفع، الفحص، إدارة المخاطر، والتظلمات، وأوصت بتبنّي أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على، تحليل بيانات الممولين بشكل لحظي، اكتشاف المخاطر والأنماط المشبوهة تلقائياً، تحديد الملفات ذات الأولوية قبل الفحص، دعم المراجعين الضريبيين ببيانات دقيقة وسريعة.

 كما شددت على تأهيل الكوادر الضريبية بمهارات رقمية تواكب التكنولوجيا الحديثة.

 أكد طلب أن مستقبل النظام الضريبي في مصر مرهون بالتحول الرقمي الكامل، وأن الإصلاح الضريبي القائم على الذكاء الاصطناعي والشفافية الرقمية سيكون ركيزة أساسية لدعم رؤية مصر 2030 ولتحقيق اقتصاد أكثر تنافسية واستدامة.