وزيرة الخزانة الأميركية السابقة تحذر: الولايات المتحدة على أعتاب تآكل مؤسسي
حذرت وزيرة الخزانة الأميركية السابقة جانيت يلين من أن الولايات المتحدة تشهد "تقويضًا داخليًا" لأسس نجاحها الاقتصادي، معتبرة أن الضغوط السياسية على سيادة القانون، والاحتياطي الفدرالي، والجامعات تهدد الركائز المؤسسية التي يقوم عليها الازدهار الأميركي، وفق ما نقلته وكالة بلومبيرغ.
وقالت يلين إن ما أشارت إليه في خطابها عام 2024 حول ضرورة الحفاظ على الروح الديمقراطية لم يكن مجرد تحذير رمزي، بل إن مظاهر الانحراف باتت اليوم أكثر وضوحًا، إلى حد دفعها لوصف الديمقراطية الأميركية بأنها تواجه "خطرًا وجوديًا".
وذكّرت بأن الأبحاث الاقتصادية – ومنها أعمال دارون عجم أوغلو وجيمس روبنسون – تثبت أن قوة المؤسسات وسيادة القانون ترتبط بشكل مباشر بنمو الناتج المحلي الإجمالي، مشيرة إلى أن تسييس القرارات التنظيمية يمكن أن يهز ثقة الشركات والمستثمرين ويؤثر في تدفق رؤوس الأموال.
انتقادات لسياسات ترامب وتدخلاته في السياسة النقدية:
انتقدت يلين الضغوط التي يمارسها الرئيس دونالد ترامب على مجلس الاحتياطي الفيدرالي، معتبرة أن مطالبته المتكررة بخفض أسعار الفائدة لتقليل عبء الدين الحكومي تمثل تدخلًا مباشرًا في سياسات يجب أن تبقى مستقلة، كما أنها دعوة لتجاهل التفويض القانوني المتعلق بالتضخم والوظائف.
وأضافت: "لو وقع هذا في دولة نامية لفرّت رؤوس الأموال فورًا، وانهار سعر الصرف، وارتفعت الفائدة طويلة الأمد"، محذرة من تحول الولايات المتحدة إلى ما يشبه "جمهورية موز" إذا استمر تسييس المؤسسات الاقتصادية.
كما اعتبرت أن محاولات عزل أعضاء في مجلس الفيدرالي – مثل ليزا كوك ستكون بمثابة تقويض كامل لاستقلال المؤسسة النقدية لأنها ستجعل إقالة أي مسؤول أمرًا واردًا.
تأثيرات تمتد إلى الجامعات والتكنولوجيا والدولار:
وتخشى يلين أن تؤدي الضغوط السياسية على الجامعات والطلاب الأجانب إلى إضعاف مكانة الولايات المتحدة في مجالات البحث والابتكار، محذرة من أن "التخويف" قد يدفع العلماء إلى المغادرة ويهدد ريادة أميركا في تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي.
رغم الأداء القوي للأسواق حيث ارتفع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 18% منذ الانتخابات ترى يلين أن هذا الارتفاع يخفي هشاشة مؤسسية، مشيرة إلى أن الدولار فقد 4% من قيمته منذ إعلان الرسوم الجمركية الجديدة.
رهان على وعي الناخبين:
وفي ختام تصريحاتها، أشارت يلين إلى أن المخاطر المؤسسية ليست ملموسة في التفاصيل اليومية للمواطنين مثل "سعر علبة الحليب"، لكنها تتراكم بمرور الوقت. وقالت إن مسؤولية التصحيح تقع على عاتق الناخبين، متوقعة أن يعبر الأميركيون عن رفضهم لهذه السياسات، لكن السؤال هو "كم سيستغرق ذلك؟".