اتجــــاه
أين شعب سوريا؟!
يذهب، ما يقولون إنه الرئيس السورى، أحمد الشرع، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ليتنازل عن ما تبقى من سيادة سوريا، إلى الرئيس دونالد ترامب، ثمنا لغسيل وصفته بـ«الإرهابى»، التى مازالت قائمة فى غالبية دول العالم، باسمه، أبو محمد الجولانى، ومنظمته، هيئة تحرير الشام، على قوائم الإرهاب، ويكون بذلك الانبطاح «الأعمى»، قد أعطى البيت الأبيض، حق التحكم فى ما ستكون عليه سوريا، من اللحظة وحتى زوال السبب، مقابل حصانته السياسية، وتحقيق هوسه بالسلطة، التى استبدل لها، جلبابه القصير وسلاحه الآلى، الذى قتل به الكثيرين، من أبناء سوريا والعراق، بالبدلة والكرافت والإكسسوارات الفاخرة، ليصنع بها وجاهة»رئاسية»، تخصه شخصياّ، ولا تخص الشأن السورى.
<< الرجل ذهب إلى «واشنطن»، وفى حقيبته أوراق اعتماد ولاءاته المطلقة، لكل ما تمليه الإدارة الأمريكية، سواء كان الأمر يتعلق بإنشاء قواعد عسكرية، تحت غطاء انضمام سوريا للتحالف الدولى، الذى أنشأته الولايات المتحدة، فى العام 2014، من 83 دولة، لمكافحة إرهاب»داعش» فى سوريا والعراق، أو قبوله باتفاقات أمنية مع إسرائيل، قد تضمن بقاء جيشها، فى عمق 15 كيلو متراّ من الجنوب السورى، بزعم أنها منطقة عازلة، وأكثر من هذا، التطبيع السياسى مع الدولة العبرية، ضمن «اتفاقات إبراهام»، وكل ذلك- وما قد يكون سرياّ- لاقى استعدادا غير مسبوق، عند هذا الرجل «الشرع»، الذى جاهر باتصالات مع وفود إسرائيلية، فى دول عدة، تؤهل لأن يستحق رضاء «واشنطن وتل أبيب»، عنه فى السلطة.
<< هكذا انتهى حال سوريا، إلى تغييب الشعب السورى، عن معادلة الدولة السورية، واختزالها فقط- فى شخص»الشرع»، ونفر من جماعته، الذين يروجون لمزاعم»مزيفة» عن بناء سوريا الجديدة، من دون الكلام عن مؤسسات وطنية، سياسية أو عسكرية أو اقتصادية، مجرد كلمات فارغة المضمون، لا سند شعبى أو دستورى هناك، إلا ولاء الميليشيات، التى تفرض الرعب والتهديد فى ربوع البلاد، ما أدى إلى نوع من الحراك السياسى، يعيد إلى الأذهان، فترات النظام السابق، واسم الرئيس بشار الأسد، كما لو كان استغاثة، قد تنقذ سيادة البلاد، من تمدد النفوذ التركى والأمريكى والإسرائيلى.. فهل احتمالية عودة»بشار» واردة، فى ظل المتغيرات الراهنة؟.
<< لو نتذكر كلام رامى مخلوف، رجل الأعمال وابن خالة بشار الأسد، عندما دعا الشعب السورى- 26 أغسطس الماضى- الاستعداد للمعركة الكبرى، وما دون التفاصيل فى تدوينته على «فيسبوك»، قال: «فنحن كما وعدناكم، عائدون بقوة الله، فلن يستلم الساحل إلا فتى الساحل»، ويقصد هنا «بشار».. وفى شهر ديسمبر 2014، تساءلت تقارير: «هل يعود بشار الأسد مجددا لحكم سوريا.. قراءة فى سيناريو مفاجئ محتمل»، تحدث فيه سياسيون وخبراء قانون دولى، عن أن قبول روسيا لجوء بشار الأسد، بصيغة اللجوء الإنسانى وليس السياسى، تعنى عدم الاعتراف بتنحى «بشار» عن السلطة، ما قد يعنى احتمال عودته إلى البلاد، إذا ما تهيأت الظروف لذلك.. داخليا وخارجيا.
<< يعزز هذه الاحتمالية، حتى لو كانت غير ماثلة فى الوقت الراهن، أو قد تكون محل رفض الثائرين، مجموع التنازلات «الرهيبة»، لكل من تركيا والولايات المتحدة، فى شأن السيادة الوطنية على الأراضى السورية، والتراخى «المتعمد» فى مواجهة الانتهاكات الإسرئيلية المتكررة فى محافظات الجنوب، وكلها مدعاة يقرؤها مراقبون، على أنها تحفز رصيد «بشار»، فى أوساط الجيش والشعب السورى، ليبقى أمام خيارات ثلاثة، إما إنتاج النظام السابق «بشار»، أو التعايش مع أخطاء النظام الحالى «الشرع»، أو ينتهى لاختيار طريقاّ ثالثاّ، بدون الاثنين «بشار والشرع»، يتولى فيها أبناء سوريا «الوطنيون»، بناء الدولة السورية العريقة، باستعادة سيادتها واستقلال قرارها الوطنى.. إذا ما عاد شعب سوريا.