بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

فيسبوك يطوي صفحة "زر الإعجاب والمشاركة"

ميتا Meta
ميتا Meta

 في خطوة تعكس تحوّلًا واضحًا في استراتيجية Meta وتراجع الاعتماد العالمي على أدوات التتبع والربط الاجتماعي التقليدية، أعلنت الشركة أنها ستوقف بصورة نهائية زري "الإعجاب" و"المشاركة" المخصصين لمواقع الإنترنت الخارجية اعتبارًا من 10 فبراير 2026.

 هذه الأزرار التي شكّلت يومًا أحد أبرز ملامح عصر التواصل الاجتماعي الأول، ستختفي تمامًا بعد أكثر من 15 عامًا من إطلاقها.

 وأوضحت Meta في منشور رسمي أن مديري المواقع ليسوا مطالبين بأي تدخل تقني فورًا، إذ ستتلاشى الإضافات تلقائيًا بحلول الموعد المحدد، حتى تصبح عنصرًا غير مرئي بحجم 0x0.

  ورغم أن الشركة تصف هذا التحوّل بأنه مجرد تطور طبيعي في بيئة الويب، إلا أن القرار يحمل رمزية كبيرة: إنهاء أحد أبرز أدوات الربط التي ساهمت في انتشار فيسبوك عالميًا خلال العقد الماضي.

 عندما أطلقت فيسبوك زري الإعجاب والمشاركة في عام 2010، كان ذلك بمثابة ثورة في عالم النشر عبر الإنترنت. فقد أتاحت هذه الأزرار للمواقع إمكانية زيادة عدد الزيارات بشكل كبير من خلال إعادة توجيه المحتوى إلى منصة فيسبوك، التي كانت حينها مركز الإنترنت الاجتماعي بلا منازع. وكانت أدوات المشاركة جزءًا لا يتجزأ من تجربة القراءة، خصوصًا مع ارتفاع معدلات الانتشار السريع للمقالات والروابط عبر المنصة.

 لكن مع مرور السنوات، تغيّر المشهد الرقمي جذريًا. فقد تراجعت أهمية فيسبوك كمنصة لنشر الأخبار مقارنةً بطفرة التطبيقات الصغيرة، وظهور منصات مثل تيك توك وإنستجرام وReddit، بالإضافة إلى تحول جهة كبيرة من المستخدمين نحو مجموعات خاصة وقنوات مغلقة. 

 أصبح فيسبوك اليوم جزءًا من منظومة أعمال Meta، لكنه لم يعد اللاعب المركزي في حركة الزيارات على الإنترنت كما كان قبل عشر سنوات.

 وتعترف الشركة الآن بأن أزرار الإعجاب والمشاركة "تنتمي لحقبة أخرى من تطوير الويب"، مؤكدة أن تراجع استخدامها جاء تدريجيًا وبشكل طبيعي مع تغيّر طرق التفاعل الرقمي، وهذا يعكس واقعًا جديدًا حيث لم تعد المواقع تعتمد على فيسبوك كمنصة رئيسية لجذب الزوار، فيما تتجه العلامات التجارية بدورها إلى قنوات أكثر تخصصًا أو منصات تعتمد على الفيديو القصير أو المؤثرين.

 رغم أن القرار يبدو كبيرًا من حيث الرمزية، إلا أن تأثيره العملي محدود نسبيًا. لم تعد العديد من المواقع تعتمد على هذه الأزرار كما في السابق، وفضّلت بدلًا منها أدوات مشاركة محايدة أو تكاملات مع منصات أخرى أكثر نشاطًا، كما أن تغيّر عادات المستخدمين جعل عمليات مشاركة الروابط تتم بشكل مباشر عبر المراسلة الفورية أو القصص، وليس من خلال الأزرار التقليدية.

 ومع ذلك، قد تشهد بعض المواقع القديمة أو تلك التي تعتمد على بنى تطوير قديمة تأثيرات طفيفة إذا تُركت الإضافات دون إزالة، لكنها ستخبو تدريجيًا إلى أن تصبح غير مرئية، ورغم ذلك، تمنح Meta للمسؤولين حرية إزالة الإضافات يدويًا قبل الموعد النهائي، خصوصًا لمن يسعون إلى الحفاظ على أكواد نظيفة أو تحسين أداء صفحاتهم.

 يشير إيقاف هذه الأدوات إلى تغيّر أوسع في أولويات Meta. فلم تعد الشركة تعتمد على فيسبوك كمنصة توسعية للشبكات الاجتماعية كما في السابق، بل توجه جهودها نحو الذكاء الاصطناعي، والميتافيرس، وخدمات الإعلانات الأكثر تطورًا، إضافة إلى دمج أدوات جديدة عبر إنستغرام وواتساب التي أصبحت أكثر تأثيرًا من فيسبوك في كثير من الأسواق.

 كما أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعًا كبيرًا في معدلات قراءة الأخبار عبر فيسبوك، إضافة إلى تغيّر خوارزميات المنصة بما يقلل من ظهور محتوى المؤسسات الإعلامية، لذلك، فإن نهاية أزرار الإعجاب والمشاركة ليست مجرد خطوة تقنية، بل مؤشر على نهاية فصل كامل من تاريخ "الويب الاجتماعي" الذي كان فيسبوك محركه الأكبر.

 يُذكر أن Meta قامت بتحديث البيان لتصحيح خطأ ورد في تاريخ الإيقاف في النسخة الأولى من الإعلان، حيث تم تعديل التاريخ رسميًا إلى 10 فبراير 2026.

بهذا القرار، يُغلق فيسبوك بابًا كان يومًا ما من أهم بوابات الإنترنت. فبينما كان زر الإعجاب رمزًا لعصر التفاعل السريع والانتشار الفيروسي للمحتوى، فإن اختفاءه يعكس مرحلة جديدة أصبح فيها المستخدم أكثر انعزالًا في دوائره الضيقة، وأقل اعتمادًا على الروابط العامة.

 ومع دخول 2026، تبدو Meta مستعدة لترك ماضي الويب التقليدي، متجهة نحو مستقبل يتشكل حول الذكاء الاصطناعي والتجارب المخصصة… بعيدًا عن أحد أشهر رموز الإنترنت في العقد الماضي.