بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

ملاحقة روبلوكس قضائيًا.. اتهامات بتعريض الأطفال لمحتوى غير أخلاقي

بوابة الوفد الإلكترونية

أعلن المدعي العام لولاية تكساس، كين باكستون، عن رفع دعوى قضائية ضد شركة روبلوكس، متهمًا إياها بتجاهل القوانين الفيدرالية والولائية الخاصة بحماية الأطفال على الإنترنت. 

وتأتي هذه الخطوة ضمن موجة متزايدة من الدعاوى القضائية التي تواجهها الشركة في عدة ولايات أمريكية، على خلفية اتهامات خطيرة تتعلق بتعرض الأطفال لمحتوى غير لائق واستغلال جنسي داخل عالمها الافتراضي.

وقال باكستون في بيان نشره عبر منصة إكس (تويتر سابقًا): "الأطفال تعرضوا مرارًا وتكرارًا لمحتوى جنسي صريح، واستغلال، واستدراج عبر روبلوكس"، مضيفًا أن الشركة "اختارت إعطاء الأولوية لمتحرشي الأطفال عبر بكسل وأرباح الشركات على حساب سلامة الأطفال".

تصريحات المدعي العام لاقت دعمًا من عدد من الناشطين الذين ينادون بزيادة الرقابة على المنصات المخصصة للأطفال، وكان من بين أبرز المؤيدين المستخدم الشهير "شليب"، الذي اكتسب شهرة واسعة داخل مجتمع روبلوكس بسبب حملاته للكشف عن المتحرشين تحت اسم "القبض على المفترس"، والتي أدت إلى اعتقال عدد من المتهمين في قضايا استغلال قُصّر، لكن الشركة حظرت حسابه في أغسطس الماضي، مبررة القرار بانتهاكه قاعدة جديدة تحظر "سلوكيات الانتقام"، ما أثار جدلاً واسعًا بين مؤيدي حملاته ومعارضيها.

في المقابل، ردت شركة روبلوكس ببيان رسمي نفت فيه الاتهامات الموجهة إليها، مؤكدة التزامها الكامل بحماية الأطفال والمراهقين داخل منصتها. وجاء في البيان: "نشارك المدعي العام باكستون التزامه بالحفاظ على سلامة الأطفال على الإنترنت، لكننا نشعر بخيبة أمل لأنه اختار اللجوء إلى القضاء بدلاً من التعاون معنا في هذا التحدي الذي يواجه القطاع بأكمله". 

وأكدت الشركة أن الدعوى تستند إلى "معلومات مضللة ومزاعم مبالغ فيها"، مشيرة إلى أنها استثمرت موارد ضخمة خلال السنوات الماضية لتطوير أدوات حماية متقدمة للمستخدمين الصغار.

بحسب ما أوضحته روبلوكس، فإنها نفذت مجموعة من التغييرات الواسعة لحماية الأطفال على المنصة، من بينها منع المستخدمين دون سن 13 عامًا من الوصول إلى الألعاب أو التجارب غير المصنفة، وتقييد الرسائل المباشرة لتلك الفئة العمرية، بحيث لا يمكنهم التواصل إلا في بيئات آمنة. 

كما أطلقت الشركة نظامًا جديدًا للتحقق من العمر يعتمد على تصوير فيديو سيلفي للمستخدم لإثبات تجاوزه سن 13 عامًا، ومن المقرر أن يتم تعميم هذه الخاصية على جميع الحسابات بحلول نهاية عام 2025.

هذه الخطوات تأتي في إطار سعي الشركة إلى استعادة ثقة المستخدمين والجهات التنظيمية، خاصة بعد ازدياد الانتقادات الموجهة إليها من منظمات حقوق الطفل، التي ترى أن عالم روبلوكس، رغم طابعه الترفيهي، بات يحمل مخاطر حقيقية على القُصّر نتيجة ضعف آليات الرقابة وسهولة تلاعب المتحرشين بالهوية الرقمية.

القضية التي رفعتها تكساس ليست الأولى من نوعها، إذ تواجه روبلوكس دعاوى مشابهة في ولايتي كنتاكي ولويزيانا، وتتهم هذه الولايات الشركة بالتقاعس عن مراقبة المحتوى الذي ينشئه المستخدمون، والذي تضمن في بعض الحالات تجارب ذات طابع جنسي أو إشارات إلى قضايا استغلال شهيرة.

ففي دعوى لويزيانا، أشار المدعون إلى أن المنصة استضافت تجارب أنشأها المستخدمون تحمل عناوين مثيرة للجدل مثل "الهروب إلى جزيرة إبستين" و"حفلة ديدي"، رغم أن الغالبية العظمى من مستخدمي روبلوكس تقل أعمارهم عن 16 عامًا. 

كما كشفت الولاية أن خاصية المحادثات الصوتية في اللعبة سمحت، حتى نوفمبر 2024، بالتحدث بين المستخدمين غير الأصدقاء، وهو ما فتح الباب أمام ممارسات استغلالية خطيرة.

إحدى القضايا التي استشهدت بها الدعوى تتعلق برجل أُلقي القبض عليه بتهمة حيازة مواد استغلال جنسي للأطفال، بعد أن استخدم برنامجًا لتغيير صوته متظاهرًا بأنه فتاة صغيرة للتقرب من الأطفال عبر اللعبة، هذه الحادثة، وغيرها من التقارير المماثلة، عززت الدعوات لتشديد الرقابة القانونية على المنصات الرقمية الموجهة للقُصّر.

تُعد روبلوكس من أشهر منصات الألعاب التفاعلية في العالم، إذ تضم أكثر من 70 مليون مستخدم يوميًا، معظمهم من الأطفال والمراهقين، وتتميز المنصة بقدرتها على تمكين المستخدمين من إنشاء عوالم وألعابهم الخاصة باستخدام أدوات برمجية بسيطة، غير أن هذا الانفتاح الواسع جعلها سلاحًا ذا حدين، إذ يسهل على بعض المستخدمين إساءة استغلال الأدوات نفسها لنشر محتوى غير مناسب أو للتواصل مع القاصرين بطرق غير آمنة.

ويحذر خبراء التكنولوجيا والأمن السيبراني من أن ظاهرة الاستغلال داخل الألعاب ليست مقتصرة على روبلوكس، بل تمتد إلى العديد من المنصات المشابهة مثل فورتنايت وماينكرافت، لكنهم يؤكدون أن حجم قاعدة مستخدمي روبلوكس وسهولة الوصول إليها يجعلانها بيئة خصبة للمخاطر إذا لم تُفرض رقابة فعّالة.

القضية الحالية بين ولاية تكساس وروبلوكس قد تُشكل سابقة قانونية مهمة في كيفية تعامل الولايات المتحدة مع مسؤولية شركات الألعاب تجاه المستخدمين القُصّر، فبينما ترى السلطات أن المنصات تتحمل مسؤولية مباشرة عن أي محتوى ضار يظهر عليها، تصر الشركات على أن مراقبة كل تجربة ينشئها المستخدمون أمر شبه مستحيل، وأن الحل يكمن في التوعية والتعاون بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص.

وفي ظل تصاعد القلق المجتمعي بشأن سلامة الأطفال في العالم الرقمي، يبدو أن الصراع بين المشرّعين وشركات التكنولوجيا سيستمر لفترة طويلة، خصوصًا في ظل تسارع تطور الأدوات التفاعلية وازدياد صعوبة ضبطها.

ورغم نفي روبلوكس التهم الموجهة إليها، فإن الضغط العام والقانوني قد يجبرها في النهاية على إعادة هيكلة نظام الرقابة لديها بالكامل، وربما تغيير طبيعة التفاعل داخل منصتها لضمان بيئة أكثر أمانًا للأطفال.