صالحه المصري: أعمالي تحاكي الخلود والعدالة.. وأتمنى عرضها بالمتحف المصري الكبير (خاص)
سطعت الفنانة صالحه المصري هذا العام في النسخة الخامسة من معرض "الأبد هو الآن"، لتكون المصرية الوحيدة المشاركة بين عدد من الدول، واصفة التجربة بأنها "فخر وفرصة لاستعراض إرث مصر الفني أمام جمهور عالمي".
أكدت صالحه المصري في حوار خاص لـ "بـوابـة الـوفـد" أن أعمالها الفنية تمثل إعادة قراءة للحلي والرموز المصرية القديمة بأسلوب معاصر، وأوضحت أن كل ملك في الحضارة المصرية القديمة كان يمتلك ختمًا رسميًا يوقّع به على الأوراق بينه وبين الإداريين، وهو ما ألهمها لتقديم قطعة فنية تحمل إشارات مستوحاة من كتاب الموتى، تركز على مفاهيم العدالة والميزان والحقيقة، وهي المبادئ التي تمثلها الإلهة معا ومعت في التراث المصري القديم.
وأضافت الفنانة أن الجمهور عندما يقف أمام القطعة، يصبح داخل إطار يركز الرؤية على الأهرامات الثلاثة، رمز الخلود في مصر القديمة، موضحة أن القطعة تمثل رحلة الإنسان من دار الفناء إلى دار الخلود، حيث يتحقق التوازن في القلب مع ريشة الإلهة معت.

وحول أسلوبها الفني، قالت صالحه المصري: "شغلي في الفخار يعتمد على دمج الكتابات القديمة من لغات مختلفة، مثل الآرامية والساسانية والمسمارية والهندية والصينية القديمة، للتأكيد على أن الإنسان مهما اختلفت لغته أو ديانته أو مكانه، يعود دائمًا للأصل الواحد، آدم وحواء. وفي هذا العمل اكتفيت بالكتابة المصرية القديمة وجمل مستوحاة من كتاب الموتى، لتشكل بوابة عبور من الفناء إلى الخلود".
وأشارت الفنانة إلى أهمية الفن كـ"لغة عالمية تربط الحضارات وتخلق جسور التعارف بين الشعوب"، مضيفة أن هدفها من دمج الفن المعاصر بالتاريخ المصري هو خلق حوار بين حضارات وفنون مختلفة، يعكس روح العصر في إطار يحاكي التاريخ.
وعن مستقبل القطعة بعد المعرض، قالت: "سنقرر لاحقًا ما سيتم عمله بها، لكن بالتأكيد سيتم عرضها في مناسبات أخرى، ويشرفني جدًا لو تُعرض في المتحف المصري الكبير، فهذا سيكون شرفًا عظيمًا".
واختتمت صالحه المصري حديثها بالتأكيد على مكانة الحضارة المصرية، واصفة إياها بأنها مهد الحضارات وأصلها، وأن إرثها التاريخي سيظل خالدًا بفضل عقيدة الخلود التي ميزتها وخلفت إرثًا أثريًا يستمر عبر الأجيال.
صالحة المصري
صالحه المصري فنانة تشكيلية من مواليد القاهرة، وناقدة فنية، وتشغل حاليًا منصب مديرة قاعة الباب سليم في متحف الفن الحديث بدار الأوبرا المصرية.
تنوعت مجالات عملها بين الكتابة النقدية عن الفنون التشكيلية، من خلال رصد حركة الفن التشكيلي المصري منذ تخرجها وحتى الآن، والفخار المصري الذي تعشقه وتستكشفه عبر دراسة حضارات العالم القديمة، مع اهتمام خاص بالحضارة المصرية.
تسعى صالحه المصري من خلال أعمالها إلى تأكيد الهوية المصرية وارتباطها العميق بالتاريخ المصري القديم، منذ عصر ما قبل الأسرات، مرورًا بالدولة القديمة والوسطى، وصولًا إلى الدولة الحديثة.
تركز أعمالها الخزفية على ثلاثة محاور رئيسية، تبدأ باختيار تصميم القطعة الفخارية مستوحى من عصر ما قبل الأسرات وحضارات مثل مرمدة بني سالمه، دير تاسا، البداري (مراحلها الثالثة)، والمعادي.
ثم تعمل على تطويع آثار الدخان في مرحلة الاختزال، قبل أن تُثري سطح القطعة برموز الكتابات القديمة مثل المصرية القديمة، المسمارية، الساسانية، السومرية، الأكادية، والآرامية. الهدف من هذه الكتابات ليس الحرفية، بل القيمة الجمالية للحرف والرمز.
شاركت صالحه المصري في العديد من المعارض الفنية الفردية والجماعية، حيث تهدف من خلال أعمالها إلى ربط الماضي العريق بالحاضر الحداثي، وإبراز جماليات اللغة والرمز في الفن المعاصر.