هَذَا رَأْيِى
الجلابية وبنت فرج فودة
الجلابية الصعيدى أصبحت «ترند» خلال الأيام الماضية على أثر زيارة أحد أبناء أسوان وزوجته للمتحف المصرى الكبير بزيهم الفلاحى..عم رشاد الذى تحمل مشقة السفر من أسوان إلى القاهرة ليطمئن على جدوده الذين أبهروا البشرية بما صنعوه من مجد خطف الأنظار بجلبابه الصعيدى الذى نال الاستحسان والثناء من زوار المعرض ومن شاهد لقطة عم رشاد وزوجته بالزى الصعيدى داخل المتحف المصرى الكبير.. وسط هذا الزخم أرادت بنت فرج فودة أن تسبح عكس التيار وتكشف عن جهلها بالهوية المصرية والجلابية الفلاحى والتى هى جزء من موروث ثقافى وحضارى يتفاخر به أبناء الصعيد وبحرى..
سمر فرج فودة والتى كانت مرشحة لعضوية مجلس النواب عن مصر الجديدة ومدينة نصر فى ٢٠٢٠ ولم يحالفها الحظ قالت «إنهم لا يمثلون مصر جملة وتفصيلًا»..
الغريب أن من تتنمر على هذا الزى الفلاحى تربت فى بيت كاتب ومفكر قاده فكره وآراؤه إلى أن اُغتيل فى تسعينيات القرن الماضى بعدما وصفته الجماعات المتشددة بالمرتد خاصة بعد كتابه «الحقيقة الغائبة» التى انتقد فيه بعض الأحداث التاريخية الإسلامية واعتبرها «خطيئات» خلال فترات الحكم الإسلامى، وهو ما رفضته بعض الجماعات المتشددة واعتبروه تشويهًا للتاريخ الإسلامى.. سمر فرج فودة نسيت أن الجلابية الفلاحى ضمن الموروث الثقافى المصرى وتمثل جزءًا مهمًا من التراث الشعبى، حيث يتم الاحتفاء بها كزى تقليدى يعود لمئات السنين.. سمر فرج فودة لا تقرأ تاريخ مصر ويغيب عنها معرفة الهوية المصرية والموروثات الثقافية والحضارية.. سمر تجهل أن الفلاح المصرى بجلبابه هو محور الحياة على الأرض..الجلابية الفلاحى، بألوانها الزرقاء، تمثل عماد حضارة مصر القديمة والنهضة الحديثة..الجلابية الفلاحى أو الصعيدى ليست مجرد زى تقليدى، بل رمز وطنى أصيل يعبر عن عمق الهوية المصرية..
يغيب عن بنت فرج فودة انتفاضة أصحاب الجلابية الفلاحى دومًا من أجل قضايا الوطن، فقد صمدوا فى مواجهة حملة فريزر1807 الذى لم يتمالك نفسه وأخذ يضرب الأرض بقدميه صائحًا فى غضب: «أتنهار قوات الأسطول الإنجليزى أمام بضعة من أصحاب الجلاليب الزرقاء»..كما كان لأصحاب الجلاليب اليد الطولى فى الثورة العرابية سواء بإعداد محاضر توكيل أحمد عرابى للدفاع عن مصر أو بالتبرعات المادية والعينية وبالمشاركة المسلحة أيضا..وكان أصحاب الجلاليب الزرقاء أبطال حادثة دنشواى فى عام 1906، التى لم تكن وصمة عار على جبين الإمبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس بقدر ما كانت نقطة وضاء على جبين أولئك الفلاحين أصحاب الجلاليب.. أصحاب الجلاليب فى المنيا خرجوا بعد اعتقال سعد زغلول ورفاقه وقطعوا السكة الحديد لوقف تحركات الانجليز وقتلوا القائد الانجليزى «بوب» وتم إعدام العشرات منهم شنقًا.. من المؤسف أنها بعدما نالها ما نالها من تعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعى حذفت تعليقها الأول وحاولت التنصل من تمردها ضد عم رشاد وجلبابه ولكنها زادت الطينة بلة أو «جات تكحلها عمتها» فقالت إن اعتراضها كان على «مراته» أى لبس زوجة عم رشاد ولبسها الصعيدى المحتشم.
وهذا يأخذنا بالتالى، إلى استنتاج أنها لا تعتزض فقط على زى زوجة «عم رشاد» بل زى الغالبية العظمى من أهل مصر سواء صعايدة أو بحاروة..
سمر نسيت أن كل ما فى المتحف جاى من الصعيد وتحديدًا من الأقصر إللى كل أهلها الجلبية بتمثل هويتهم.. الجلابية يا سمر دى هوية ورمز للبساطة والجدعنة والأصل الطيب.. هتفضل الجلابية الصعيدى عندى عنوان الرجولة والأصالة والعراقة، عشان كده دائمًا بفتخر كونى صعيديًا.
[email protected]