من تاريخ الوفد إلى صوت المواطن الواعي في الانتخابات
منذ أيام سعد زغلول ونشأة حزب الوفد، وحتى كلمة الدكتور عبدالسند يمامة في المؤتمر الأخير بصعيد مصر، يمتد خيط طويل يربط بين نضال الماضي والسياسة الحديثة، بين تضحيات من صنعوا استقلال مصر مثل فؤاد باشا سراج الدين زعيم الأمة وبين القادة الذين يسعون لترجمة إرث الوفد إلى ممارسة فعلية في الحياة السياسية.
في كل كلمة قالها الدكتور عبدالسند يمامة رئيس حزب الوفد، شعرت بالدفء الوطني والولاء لتراب الوطن، كما لو أن التاريخ نفسه يهمس لنا بأن حب مصر ليس شعارات ترفع في المنصات، بل عمل ومبادرة ووعي يترجم في كل اختيار سياسي، وأن المشاركة الحقيقية تبدأ بالمعرفة والتفكير الواعي، وتستمر بالولاء والمثابرة، لتظل مصر حية في وعي أبنائها ومستقبل أجيالها.
حب الوطن يظهر في كل قرار وممارسة سياسية، وليس مجرد كلمات أو شعارات؛ وصوتك في الانتخابات تجسيد لهذا الحب ومسؤوليتك تجاه المستقبل.
كان وما زال حزب الوفد علامة فارقة في تاريخ مصر، ليس لأنه أقدم الأحزاب، بل لأنه أعطى معنى حقيقيا للسيادة والاختيار الوطني، وهذا ما تعلمته في مدرسة الوفد منذ صغري.
الوفد ليس مجرد حزب قديم، بل مؤسسة وطنية أسست للمبادئ الوطنية وترجمت حب الوطن إلى عمل حقيقي، وهو ما يجعله حالة مميزة اختارها الشعب ليكون مدرسة وطنية مستمرة.
فمنذ 1919، عندما خرج سعد زغلول ورفاقه مطالبين بالاستقلال، إلى دستور 1923، مرورا بفترات النضال والدماء والتضحيات، كان الوفد دائما في مقدمة من جعل من مصر دولة حقيقية، دولة يحتفى بها بين الأمم.
حين نتحدث عن شخصيات مثل فؤاد باشا سراج الدين، الذي ولد في الثاني من نوفمبر 1911، نجد أننا أمام نموذج زعيم للأمة الذي جمع بين الفكر الوطني والعمل السياسي، رجل حمل إرث الوفد وحقق خلاله كثيرا من الإنجازات التي صاغت وعي الأجيال.
ليس فقط قيادته للحزب، بل فكره السياسي الراسخ، ومواقفه الثابتة، تذكرنا بأن الانتماء لوطنك أكبر من أي منصب أو اسم سياسي، وأن الوفد لم يكن مجرد حزب، بل نسيج متكامل من الوطنية والمبادئ.
وفي هذا الإطار، جاءت كلمة الدكتور عبدالسند يمامة، رئيس حزب الوفد وعضو مجلس الشيوخ، في المؤتمر بصعيد مصر لتذكر الحضور بأن السياسة ليست مجرد انتخابات وشعارات، بل هي وعاء لتاريخ طويل من النضال والوعي الوطني وممارسة مدروسة.
كلمة الدكتور عبدالسند يمامة كانت تذكيرا بأن السياسة مسؤولية وطنية، وأن المشاركة الحقيقية تبدأ بالوعي والفهم، وليس مجرد شعارات أو وعود انتخابية.
حديثه لم يكن عن المرشح مباشرة، فقد أضاء على دور حزب الوفد في صناعة الدولة المصرية الحديثة، وذكرنا بأن الالتزام بالقيم الوطنية والمبادئ الحقيقية يفوق كل منصب أو شعار مؤقت، وأن كل مشاركة سياسية يجب أن تكون مبنية على المعرفة والفهم والولاء الحقيقي للوطن، بل كان حديثه رسالة لكل الوطنيين في مصر، رسالة تعيد الاعتبار للتاريخ وتؤكد على أن الوفد هو اختيار الأمة، الحزب الذي جعل الاستقلال حقا حقيقيا لا مجرد شعار.
قال الدكتور يمامة بكل وضوح إن الأحزاب الحديثة قد تكون كثيرة، يصل عددها لأكثر من مئة حزب، لكن الوفد يبقى حالة منفردة، ليس لأنه أقدمها، بل لأنه اختاره الشعب ولم يفرضه قرار سياسي. هذا الاختيار الشعبي هو الذي يربطنا اليوم بما حدث قبل أكثر من مئة سنة، حين تحول حلم الاستقلال إلى واقع دستوري وسياسي.
ورغم أن المؤتمر الانتخابي كان من المفترض أن يكون مشهدا للمرشح وجمهوره، فإن كلمة يمامة نجحت في تحويل الحدث إلى درس وطني.
فالمشاركة السياسية مسؤولية وواجب وطني، وصوتك في الانتخابات تجسيد للوعي والفهم، وليس مجرد ورقة اقتراع. لقد ذكرنا بأن الديمقراطية ليست مجرد صناديق اقتراع، بل ممارسة حقيقية للتاريخ، فهم لحق الوطن، وإدراك أن كل صوت يعطى له معنى وتأثير يمتد لعقود.
ومن بين سطور حديثه، شعرنا بالفرق بين من يراه الحزب مجرد منصة، ومن يراه قضية، وهذا الفرق هو ما يميز كل من يحترم الوطن عن من يراه مجرد فرصة شخصية.
ومن هنا نفهم لماذا ربط الدكتور يمامة بين كلمة الوفد في الماضي وبين الواقع السياسي اليوم، حين يكون اختيار المرشح أمرا لا يمكن التفريط فيه.
الناخب اليوم، مثلا في انتخابات مجلس النواب 2025 - 2030، يتحمل مسؤولية ضخمة: صوتك ليس مجرد اسم على ورقة، بل رسالة قوية تؤثر على حياتك وحياة الأجيال القادمة.
وأقولها اليوم في مقالي هذا رسالة لكل مواطن مصري، صوتك أمانة وطنية لا تمنحه إلا لمن يملك القدرة على التشريع، واتخاذ القرار، والمراقبة الفعلية.
لا تعط صوتك لمن يبيع وعودا فردية فارغة، لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا لمن يختبئ خلف مؤتمرات جماهيرية باهتة لا تعكس قوة ولا يظهر قدرته على الحشد أو كفاءة إدارة، الوطن أكبر من كل شعارات زائفة، وأمانته تقع على عاتقك قبل أي أحد.
المرشح الذي لا يعرف كيف يجمع الناس أمام صناديق الاقتراع، كيف سيمكنه أن يقف أمام قرارات مصيرية تمس حياة الوطن بأسره؟ وهذه الرسالة ليست مجرد نصيحة، بل درس مستمد من تاريخ الوفد: اختيار من يستحق هو مسؤولية وطنية قبل أن تكون شخصية.
وفي الوقت نفسه، يذكرنا التاريخ بأن بعض الذين يزعمون التعرض للظلم أو التحالف ضدهم في الانتخابات، غالبا لا يكون لديهم القدرة على الأداء الحقيقي أو الإقناع الجماهيري، وما تخفيه شكاواهم هو ضعفهم في التحضير والقيادة، بينما الوفد، بحكم تاريخه ومبادئه، يظل نموذجا للالتزام والإخلاص في خدمة الوطن.
ولأن الحياة السياسية ليست مجرد شعارات أو وعود، فإن ما قدمه الدكتور عبدالسند يمامة كان درسا عميقا: أن السياسة تبدأ من الوعي والتاريخ، لا من ضجيج المؤتمر أو الأضواء، وأن اختيار المرشح هو جزء من ممارسة حب الوطن.
بين الماضي والحاضر، بين الوفد وشخصياته العظيمة مثل فؤاد باشا سراج الدين، وبين الدكتور عبدالسند يمامة وكلماته اليوم، هناك درس واحد يلمس كل مصري واع: السياسة قضية، الانتخابات أمانة، والوطن يستحق منا الاختيار الصحيح.
صوتك في صندوق الانتخابات ليس مجرد ورقة، بل انعكاس لوعيك وحبك لمصر، لكل من يقرأ التاريخ ويفهم الدروس، ويعرف أن الوفد ليس مجرد حزب، بل مدرسة حياة تعلمنا كيف نحمي الوطن ونصنع مستقبله.
وأؤكد لكل من سيقرأ هذه الكلمات: المشاركة السياسية مسؤولية، والاختيار الواعي بين المرشحين هو ما يجعل التاريخ يستمر، ويجعل من صوتك رسالة قوية للأجيال القادمة.
إن الوفد، بكل تاريخهم ونضالهم، يذكرنا دائما أن حب الوطن يبدأ من فهمه والعمل من أجله، لا بالكلمات الرنانة أو المظاهر الانتخابية.