الجفري: نار التكفير تشتعل في جسد الأمة وتلتهم ما تبقى من وحدتها
في ظل ما يشهده العالم الإسلامي من انقسامات وصراعات فكرية ومذهبية، خرج الداعية الحبيب علي الجفري برسالة محذراً من الانجرار وراء قضايا فرعية تُشتّت الجهود وتُضعف الصفوف، وعلى رأسها الجدل المتكرر حول التوسل والتبرك والأضرحة.
وأكد الجفري أن هذه المسائل ليست من أولويات النقاش الديني، ولا مما ينبغي أن يُشغل المسلمون به عن قضاياهم المصيرية الكبرى، كالوحدة والإصلاح ومواجهة الفكر المتطرف.
خطر يهدد الأمة
شدد الحبيب الجفري في حديثه على أن من الواجبات العاجلة للأمة اليوم التوعية بخطر الفكر التكفيري، الذي جعل من الخلاف في بعض المسائل الفقهية باباً لإخراج المسلمين من دينهم، ووسيلة لتبرير القتل وسفك الدماء.
وقال إن منهج التكفيريين الذين يرمون سواد المسلمين بالشرك الأكبر بسبب مسائل اجتهادية أو ممارسات خاطئة لعوام الناس، يمثل انحرافاً عن نهج أهل السنة والجماعة، لأن كثيراً من هذه القضايا أقرها كبار أئمة الإسلام على مر القرون، أو عدّوها من الأخطاء التي لا تمسّ أصل العقيدة.
وأضاف أن هناك فرقاً جوهرياً بين التحذير من الخطأ والتكفير بسببه، فبعض التجاوزات التي تصدر عن الجهّال — وإن كانت محرّمة أو مكروهة — لا يجوز نقلها من باب الحلال والحرام إلى باب أصول الاعتقاد.
من نصوص الكفار إلى دماء المؤمنين
وانتقد الجفري بشدة المنهج الخارجي الذي يستند إليه دعاة التكفير، موضحاً أنهم يعمدون إلى آياتٍ نزلت في الكفار فيُنزّلونها على المؤمنين، وهو ما أدى إلى ظهور جماعات متطرفة تستبيح دماء المسلمين باسم الدين.
وقال إن هذا الفهم المنحرف للنصوص القرآنية أشعل فتنة التكفير في جسد الأمة المنهك، فكانت النتيجة دماراً داخلياً واقتتالاً يضعف الأمة أمام أعدائها المتربصين بها من الخارج.
شهادة ابن عمر وتحذير العلماء
استشهد الجفري بكلام الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما الذي قال عن الخوارج:"انطلقوا إلى آياتٍ نزلت في الكفار فجعلوها في المؤمنين."
(صحيح البخاري)
كما نقل عن الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرحه لصحيح البخاري قوله:"وصله الطبري في مسند علي من تهذيب الآثار من طريق بكير بن عبد الله بن الأشج أنه سأل نافعا كيف كان رأي ابن عمر في الحرورية؟ قال: كان يراهم شرار خلق الله، انطلقوا إلى آيات الكفار فجعلوها في المؤمنين. وسنده صحيح."
(فتح الباري)
وأكد الجفري أن هذا التحذير من السلف الصالح هو منارة لكل مسلمٍ عاقل يدرك خطورة الانزلاق في طريق التكفير، الذي مزّق جسد الأمة منذ قرون، وما زالت آثاره تحرقها حتى اليوم.