بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

هل البنزين والسولار يمنعان صحة الوضوء أو الصلاة.. الإفتاء تحسم الجدل

بوابة الوفد الإلكترونية

أكدت دار الإفتاء المصرية  أن البنزين والسولار من جملة الطاهرات، وأن ما يصيب الثياب أو البدن من آثارهما لا ينجّس الإنسان ولا يمنع صحة الطهارة، سواء كانت وضوءًا أو غسلًا، مشيرة إلى أن الأصل في الأشياء الطهارة ما لم يرد نص شرعي يدل على نجاستها.

وأوضحت الدار أن من يصيبه شيء من المواد البترولية – كالعاملين في محطات الوقود أو أصحاب الورش والمصانع – يجوز له الصلاة في ملابسه التي أصابها البنزين أو السولار، ولا حرج عليه في وضوئه أو غسله، لأن هذه المواد لا تُكوِّن جرمًا يمنع الماء من الوصول إلى البشرة.

وقالت الفتوى نصًا:“البنزين والسولار الأصل فيهما أنهما من جملة الطاهرات، فلا تتنجس الملابس أو البدن بما يصيبها من آثارهما، كما أن تلك الآثار لا تمنع من وصول الماء إلى العضو، وعليه تكون الطهارة – وضوء أو غسلًا – صحيحة شرعًا، وكذلك الصلاة.”

 

 التزين والتطهر بين يدي الله

وأشارت دار الإفتاء إلى أن الصلاة مقام مناجاة وأدب مع الله تعالى، ولذا يستحب للمسلم أن يأخذ زينته عند كل صلاة، مستشهدة بقوله تعالى:﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: 31].

كما ذكرت قوله تعالى:﴿فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة: 108].

وأكدت أن من السنة أن يرتدي المصلي أحسن ثيابه وأطهرها عند الوقوف بين يدي الله، لما في ذلك من تعظيم لشأن العبادة ومراعاة لمقام الأدب الإلهي، وهو ما عبر عنه الفقيه النسفي بقوله:“الصلاة مناجاة الرب، فيُستحب لها التزين والتعطر كما يجب التستر والتطهر.”

 

حكم الصلاة بالملابس التي أصابها البنزين أو السولار

أوضحت الفتوى أن القول بصحة الصلاة أو فسادها في حالة إصابة الثياب بالمواد البترولية يتوقف على طهارة هذه المواد، وقد بحث العلماء في طبيعة تكوينها بين نظريتين:

النظرية اللاعضوية: وترى أن البترول ناتج من مواد أرضية غير حية، والأصل في جميع أجزاء الأرض الطهارة.

النظرية العضوية: وترى أنه ناتج من تحلل الكائنات الحية، ومع ذلك فهو طاهر بالاستحالة، أي أنه تحوّل إلى مادة جديدة لا صلة لها بالأصل النجس.

وبناءً على هاتين النظريتين، أكدت دار الإفتاء أن البترول ومشتقاته طاهرة في الحالين، لأنه لم يرد دليل شرعي على نجاسته، ولأن النجاسة عارضة والأصل في الأشياء الطهارة.

 

الاستحالة ترفع النجاسة

استشهدت دار الإفتاء بعدد من أقوال كبار العلماء في هذا الباب، منهم الإمام الدردير والزيلعي الحنفي والمرْداوي الحنبلي والخطّاب المالكي، الذين أكدوا أن الأعيان النجسة تطهر بالاستحالة، أي إذا تغيرت حقيقتها إلى مادة أخرى.

وجاء في “تبيين الحقائق” للزيلعي:“الأعيان النجسة تطهر بالاستحالة، وذلك مثل الميتة إذا وقعت في المملحة فصارت ملحًا، والعذرة إذا صارت ترابًا، فهي طاهرة.”

وبذلك، خلصت الفتوى إلى أن البنزين والسولار بعد تحولهما إلى مواد جديدة لا يحملان حكم النجاسة، بل هما طاهران.

 

آثار البنزين والسولار لا تمنع وصول الماء أثناء الوضوء

أكدت دار الإفتاء أن الآثار التي تتركها المواد البترولية على الجسد أو اليدين لا تشكل حاجزًا يمنع الماء من الوصول إلى البشرة أثناء الوضوء أو الغسل، لأن هذه المواد ليست جرمًا جامدًا بل مائعًا يتخلله الماء.

وقالت:“الحائل الذي يمنع مس الماء للعضو هو الجرم الكثيف الجامد، أما المائعات فلا تمنع وصول الماء ولو تجمدت، لأن رطوبتها تعيد إيصال الماء إليها.”

وأشارت إلى قول ابن حجر الهيتمي في “تحفة المحتاج”:“أن لا يكون على العضو ما يغير الماء تغييرًا ضارًا أو جرم كثيف يمنع وصوله للبشرة.”

كما نقلت عن البجيرمي قوله:“أما المائع فإنه لا يمنع مس الماء للعضو وإن لم يثبت عليه.”

وبذلك، فلا يؤثر البنزين أو السولار على صحة الوضوء إطلاقًا.

 

من المستحب تغيير الثياب المتسخة قبل الصلاة

على الرغم من أن دار الإفتاء أكدت طهارة البنزين والسولار، إلا أنها حثّت على تغيير الملابس المتسخة بهما إن أمكن، التزامًا بأدب الصلاة ومظهرها الحسن، موضحة أن لبس أنظف وأجمل الثياب عند الوقوف بين يدي الله من السنن المستحبة، لقول الله تعالى:﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾.