كلام فى الهوا
بياعين الوهم!!
«أبوالطيب المتنبى» شاعر جاء إلى مصر تقريباً عام 959 ميلادياً وقال فى أحد أشعاره «كم ذا بمصر من المضحكات، ولكنه ضحك كالبكاء» والمتنبى عندما كان يمدح كان مديحه مدفوع الأجر والعطايا، فكان من مديحه أنه صور الأمير «سيف الدولة الحمدانى» بالأسد الغضنفر، وهو فى الحقيقة كان أمير مهزوم منكسر، حيث خسر حلب وهو أمير عليها، حيث انسحب عام 962 على يد القائد البيزنطى «نقفور» إلا أن المتنبى صوره ببطل المعارك وحول هزيمته إلى نصر، فكان المتنبى مثله مثل القنوات الفضائية التى تبيع الوهم للناس، وتصور الانكسارات نصراً، ولكن بالتأكيد كان للمتنبى براعته بجانب المديح فى الحكمة والوصف ، ليكون بيته الذى قاله على شعب مصر وصفاً دقيقاً لهم منذ زمن ما قاله حتى الآن، ولعلهم كانوا على هذه الشاكلة قبل المتنبى، فهم الذين يبكون إذا فرحوا ، بل يطلقون على هذا النحو من البكاء «البكاء السعيد» وعندما يضحكون يقولوا عبارتهم المشهورة والمعتادة «الله يجعله خير» أى يخافون من الضحك كنذير شؤم «والعياذ بالله» ويعتقد بعض المتفلسفين أن سبب ذلك راجع إلى أن الناس فى بلدنا عاشوا أيام حزينة أكثر من أيام الفرح، لذلك لا يفرحون عندما يكونوا سعداء. الأمر الذى لا تستطيع الأن التمييز بين ضحك الناس وبكاءهم فى جميع الحالات فرح كان أو الحزن!!