بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

هل الموت يوم الجمعة بشارة بالجنة أم علامة لحسن الخاتمة؟

بوابة الوفد الإلكترونية

في لحظةٍ لا يعلم موعدها إلا الله، يودّع الإنسان دنياه إلى حياةٍ أخرى أبدية، لكن ما إن يُذكر "الموت يوم الجمعة" حتى تتردد بين الناس بشارةٌ محببة: أن من مات في هذا اليوم المبارك نجا من عذاب القبر، فهل حقًا يحمل هذا اليوم خصوصيةً للميت؟ أم أن نجاته تكون بعمله الصالح فقط؟

سؤال تكرر كثيرًا، ورد إلى دار الإفتاء المصرية، ليجيب عنه الدكتور محمد وسام، أمين الفتوى بالدار، موضحًا أن يوم الجمعة يومٌ عظيم اختصه الله بالبركة والمغفرة والرحمة، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:«خيرُ يومٍ طلعت عليه الشَّمس يومُ الجمعة؛ فيه خُلق آدم، وفيه أُدْخل الجنةَ، وفيه أُخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة» (رواه مسلم).

 

ما بعد الموت!

 

أكد الدكتور وسام، في بث مباشر عبر الصفحة الرسمية لدار الإفتاء، أن الموت ليس فناءً أو انعدامًا للحياة، بل هو انتقال من دارٍ إلى دار، من حياةٍ دنيوية محدودة إلى حياةٍ برزخية أوسع إدراكًا وأعمق وعيًا، واستشهد بقوله تعالى:«لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ» [ق: 22].

وأضاف أن أرواح الموتى تتلاقى ليلة الجمعة، وأن الميت يشعر بزيارة أهله له، فيفرح بدعائهم وقراءة القرآن على روحه، لأن الروح في البرزخ تدرك وتأنس وتتحاور، كما ورد في الأحاديث النبوية.

وأشار إلى ما أخرجه الشيخان البخاري ومسلم من حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين وقف على قتلى بدر وناداهم بأسمائهم، فقال له عمر بن الخطاب:

"يا رسول الله، ما تخاطب من أقوام قد جيفوا؟"فقال صلى الله عليه وسلم:"والذي بعثني بالحق ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون جوابًا."

وهذا – كما يوضح وسام – دليل على أن الميت لا يفقد الإدراك بعد موته، بل ينتقل إلى إدراكٍ مختلفٍ في عالمٍ آخر.

 

حديث الموت يوم الجمعة

من جانبه، أوضح الشيخ أحمد وسام، مدير إدارة البوابة الإلكترونية بدار الإفتاء، أن بعض العلماء ذهبوا إلى أن الموت يوم الجمعة من علامات حسن الخاتمة، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:«ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر» (رواه الترمذي).

وأوضح أن هذا الحديث فيه ضعف من حيث السند، لكنه صحيح في معناه من باب الرجاء في فضل الله وكرمه، لأن الله يكرم عباده المؤمنين بأسباب الرحمة والمغفرة في أوقاتٍ وأيامٍ مخصوصة.

وأضاف:"الثواب والنجاة لا تُنال بمجرد زمان الموت، بل بصدق الإيمان وحسن العمل، فالموت يوم الجمعة قد يكون بشارة، لكنه لا يُغني عن عملٍ صالحٍ ولا يضمن الجنة."

 

 بين الفضل والتفاؤل

من زاوية أخرى، تناول الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، هذا السؤال من منظورٍ روحيٍّ وإنساني، موضحًا أنه لا بأس بالتفاؤل بموت أحدهم يوم الجمعة واعتباره علامة لحسن الخاتمة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الفأل الحسن ويحث على التفاؤل في كل شيء.

وأشار فضيلته إلى أن حديث عبد الله بن عمر:«ما من مسلم يموت يوم الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر»
وإن كان حديثًا غريبًا فيه ضعف، إلا أنه لا يتعارض مع الأمل في رحمة الله، لأن الله يكرم عباده بما شاء وكيف شاء.

ولفت الدكتور جمعة إلى أن الإمام البخاري ذكر أن الموت يوم الاثنين يُعد من علامات حسن الخاتمة أيضًا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تُوفي في هذا اليوم، فارتبط الموت فيه ببركة الاقتداء بخاتم الأنبياء.

 

 أين يلتقي الموت بالرحمة؟

يؤكد علماء الإفتاء أن النجاة من عذاب القبر ليست مرتبطة بزمن الوفاة بقدر ما هي ثمرةٌ لصفاء القلب وطاعة الله.
فالموت يوم الجمعة ليس ضمانًا شرعيًا، لكنه بشارة رحمةٍ لمن مات على الإيمان، إذ يُرجى أن يُكرمه الله في هذا اليوم الذي تتنزل فيه الملائكة وتُغلق فيه أبواب النار وتُفتح فيه أبواب الجنة.

ويختم الدكتور علي جمعة بقوله:"من مات يوم الجمعة يُرجى له الخير، ولكن أعظم البشارة ليست في وقت الموت، بل في حال القلب حين يلقى الله؛ فمن كان قلبه عامرًا بالإيمان والرضا، كان موته كريحٍ طيبةٍ تُزف إلى الجنة."