بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

«أوربان» يحاول لعب دور صانع السلام

رئيس الوزراء المجرى يدعو «ترامب» إلى عقد قمة جديدة مع «بوتين»

رئيس الوزراء المجرى
رئيس الوزراء المجرى فيكتور أوربان

يحاول رئيس الوزراء المجرى فيكتور أوربان لعب دور صانع السلام، حيث يحاول إقناع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بعقد قمة جديدة مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين فى بودابست، فى خطوة يُنظر إليها على نطاق واسع كمحاولة مزدوجة لتعزيز مكانته السياسية داخليا، ويأمل أوربان في أن تؤدي هذه القمة المقترحة إلى إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، فى الوقت الذى يسعى فيه أيضا للحصول على إعفاء من العقوبات الأمريكية المفروضة على قطاع الطاقة الروسى وذلك خلال زيارته أمس للبيت الأبيض. 

تأتى زيارة أوربان وسط مناخ سياسى دقيق فى المجر، إذ يواجه الزعيم اليمينى المتطرف تحديا انتخابيا كبيرا من زعيم معارضة جديد قبل الانتخابات البرلمانية المقررة فى أبريل المقبل. ويؤكد مقربون منه أن الأولوية القصوى بالنسبة له هى دعوة ترامب إلى بودابست قبل موعد الاقتراع، اعتقادا بأن ظهور الرئيس الأمريكى فى العاصمة المجرية سيمنحه دفعة قوية بين الناخبين المحافظين، ويعزز صورته كزعيم يتمتع بعلاقات دولية رفيعة.

وقال مصدر يعمل فى مؤسسة حكومية مجرية مختصة بالسياسة الخارجية إن الهدف الحقيقى من الرحلة هو إقناع ترامب بزيارة المجر فى أقرب فرصة ممكنة، موضحا أن ملفات الغاز والنفط الروسى ستكون مطروحة للنقاش، لكنها ليست المحور الأساسى. وأضاف: «يريد أوربان زيارة ترامب لبودابست قبل الانتخابات، هذه أولوية مطلقة، فالانتخابات بالنسبة له هى الهدف الأول» بحسب صحيفة «الجارديان». 

وتعتبر الزيارة المرتقبة بمثابة «خدمة سياسية ضخمة» من ترامب لأوربان، بحسب ما وصفته المحللة السياسية سوزانا فيج من صندوق «مارشال» الألمانى، خاصة أن ترامب غاب عن المشاركة فى جميع المؤتمرات المحافظة الكبرى التى استضافتها بودابست خلال الأعوام الأخيرة، بما فى ذلك فعاليات مؤتمر العمل السياسى المحافظ.

أوربان الذى يُلقبه منتقدوه بـ«حصان طروادة لبوتين فى الاتحاد الأوروبى» لطالما حافظ على علاقة وثيقة مع ترامب منذ ولايته الأولى، وسعى إلى بناء شبكة يمينية دولية تمتد من أمريكا اللاتينية إلى أوروبا. وفى المقابل، أشاد ترامب وعدد من مساعديه بالمجر فى عهد أوربان، واعتبروها «نموذجًا محافظًا مثاليًا»، بل وصفوها ساخرين بأنها «ديزنى لاند محافظة».

وقال جيرجيلى جولياس، رئيس ديوان رئيس الوزراء المجرى، إن اجتماع الجمعة «فرصة فريدة لرئيسى الدولتين لوضع خارطة طريق قد تمهد لاجتماع مباشر بين واشنطن وموسكو، وبالتالى إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا».

وكانت محاولة سابقة لعقد اجتماع مماثل قد انهارت بعد محادثة متوترة بين وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف ونظيره الأمريكى ماركو روبيو، إذ تبنى لافروف موقفًا متشددًا فى شأن شروط وقف الحرب. ومع ذلك، يرى مراقبون أن أوربان سيعيد طرح المبادرة، سعيًا منه إلى إظهار نفسه كقناة تواصل فعالة بين الكرملين وترامب، خاصة فى ظل رغبة الأخير فى لعب دور صانع السلام فى النزاعات الدولية.

وقال ماكس بيرجمان، مدير برنامج أوروبا وروسيا وأوراسيا فى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، إن مجرد عقد قمة جديدة بين ترامب وبوتين «سيكون بمثابة صدمة كبرى لبقية الزعماء الأوروبيين»، مضيفًا أن رؤيتهم للرئيس الروسى يحظى باستقبال رسمى فى دولة أوروبية ستُعد «صفعة سياسية» داخل الاتحاد الأوروبى. وأشار بيرجمان إلى أن أوربان لعب حتى الآن دورًا أقل إزعاجًا فى الاتحاد منذ إعادة انتخاب ترامب، إذ عملت الإدارة الأمريكية الجديدة مع زعماء أوروبيين آخرين أكثر مما كان متوقعًا.

من جانب آخر، أوضح مسئولون فى واشنطن أن ترامب يتمسك بموقفه الحازم حيال ضرورة إنهاء اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على دول مثل الهند بسبب استمرارها فى شراء النفط الروسى. لكن هذا الموقف يثير شكوكًا فى أوروبا، حيث صرح دبلوماسى أوروبى رفيع المستوى بأن الطلب الأمريكى بوقف استيراد النفط الروسى لم يكن عمليًا منذ البداية، مضيفًا: «لم يكن هناك أى توقع واقعى بأن المجر أو سلوفاكيا ستتخليان عن علاقاتهما فى مجال الطاقة مع روسيا، وبالتالى لم تكن هناك نية من واشنطن لفرض إجراءات فعلية فى هذه الحالات».

بدوره، أكد وزير الخارجية المجرى بيتر سيارتو فى تصريحات لصحيفة الجارديان على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أن فكرة إنهاء العلاقات مع روسيا فى مجال الطاقة «مجرد حلم بعيد المنال». كما شدد جولياس الأسبوع الماضى على أن هدف المجر هو «الحصول على إعفاء من العقوبات الأمريكية، بما يسمح لها بمواصلة شراء النفط الخام والغاز الروسيين دون قيود».

وتأتى هذه التحركات بعد أيام من إعلان الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة على شركتى الطاقة الروسيتين العملاقتين لوك أويل وروسنفت، وهو ما اعتبره مراقبون اختبارًا لمدى التزام إدارة ترامب فعلاً بتصعيد الضغط الاقتصادى على موسكو. وقال بيرجمان إن الاجتماع المرتقب بين ترامب وأوربان «سيعطى إشارة حقيقية حول جدية الإدارة فى تطبيق العقوبات على قطاع الطاقة الروسى»، موضحًا: «إذا لم يُناقش الملف خلال اللقاء، فسيعنى ذلك أننا لا نعتزم التحرك بجدية، أما إذا كان ضمن المحاور الرئيسية، فسيكون ذلك مؤشراً على استعداد الإدارة لاتخاذ مواقف أكثر صرامة.